حكم توزيع أو تخصيص
الأموال للأولاد قبل الموت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
إن الحديث عن هذا
الموضوع يتطلّب بياناً تفصيلياً للجوانب التالية المتعلقة به لبناء تصور شرعي واضح
تبنى عليه الأحكام الشرعية لكل جانب لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره :
أولاً ) أصل المسألة في السنة
النبوية :
أخرج الشيخان البخاري
ومسلم عليهما رحمة الله في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال :
تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي : لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي , فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا , قال : اتقوا الله
واعدلوا في أولادكم (وفي رواية : بين أولادكم ) قال النعمان : فرجع أبي فردّ تلك
الصدقة.
وللحادثة روايات أخرى
جاء فيها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال
نعم. قال: أكلهم وهبت لهم مثل هذا ؟ قال: لا , قال: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد
على جور )) ، (( أيسرك أن يكونوا لك في
البر سواء ؟ قال : بلى . قال : فلا إذن ))
(( أكل ولدك نحلته مثل
هذا ؟ فقال : لا .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجعه ))
ثانياً ) الحكم الشرعي لتفضيل
بعض الأولاد في العطية
بناء على ما جاء في
صحيح السنة النبوية في هذا الشأن فعلى الوالدين العدل والمساواة بين الاولاد في
العطية والهدايا ولا يجوز تفضيل بعضهم على
بعض لغير مبرر شرعي يقتضي ذلك .
وإذا خص الوالد بعض
أولاده بعطية من أمواله لغير مبرر شرعي فينبغي أن يعوض بقية أولاده الآخرين بمقدار
ما خص به ذلك الولد وإذا كان التعويض متعذراً فتبطل تلك العطية ويجب إعادتها ويجوز
للوالد تفضيل بعض الأولاد بشيء من الأموال لمبرر شرعي , ومن المبررات الشرعية :
1) العاهات المانعة من التكسب كالعمى والشلل.
2) إعانة الابن الفقير في الإنفاق على نفسه وأسرته وقضاء دينه .
ثالثا ) تقسيم الأب بين أولاده
ما يشاء من أمواله حال حياته حسب قسمة الله تبارك وتعالى في الميراث فيجعل للذكر
مثل حظ الأنثيين:
أجاز الحنابلة خلافا
لجمهور الفقهاء أن يقسم الأب بين أولاده ما يشاء من أمواله
حال حياته حسب قسمة الله تبارك وتعالى في الميراث فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ,
لأن الله تبارك وتعالى قسم بينهم كذلك , وقسمة الله أولى بالاقتداء , ولأن العطية
للأولاد استعجال لما يكون بعد الموت فينبغي أن تكون كحالة الموت فيجعل للذكر مثل
حظ الأنثيين .
وقد بين أهل العلم أن
تصرفات المسلم تكون شرعية إذا بنيت على رأي شرعي صحيح .ومعلوم أن مذهب الحنابلة هو
أحد المذاهب الفقهية الأربعة المعتمد عند أهل السنّة والجماعة فلا بأس من الأخذ به
.
هذا وبالله التوفيق
والحمد لله رب العالمين