مكانة الجمعة في الإسلام

سميت الجمعة جمعة لاجتماع الناس لها، أو لما جمع الله تبارك وتعالى لعباده في يومها من الخير، وهي أفضل الصلوات ويومها أفضل الايام.

قال رسول الله ﷺ : (( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ))(١)

وقال رسول الله ﷺ : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ))(٢)

وقال عليه الصلاة والسلام: (( من اغتسل تم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل (أي زيادة) ثلاثة أيام ))(3).

وفيها ساعة يستجاب فيها الدعاء. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه ))(4).

تاريخ مشروعية الجمعة:

فرضت الجمعة بمكة قبل الهجرة ولم يستطع رسول الله ﷺ أن يصليها بمكة، فكتب إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه بأن يجمع المسلمين في المدينة نساءهم وأبناءهم، حتى ، اذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة أن يتقربوا إلى الله تعالى بركعتين. فأول من أقام الجمعة مصعب بن عمير رضي الله عنه والذي جمع الناس للجمعة أسعد بن زرارة رضي الله عنه.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أخرجه الإمام أحمد ومسلم والترمذي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم / 3333.

(٢) أخ جه الإمام أحمد ومسلم والترمذي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٣٨٧٤ .

(٣) أخرجه الإمام مسلم، انظر: مختصر صحيح مسلم/ حديث رقم/ ٤٢٠ .

(4) أخرجه البخاري، انظر مختصر صحيح البخاري حديث رقم/ ٥٢١ .

حكم الجمعة وحكمة مشروعيتها :

الجمعة فرض من فرائض هذا الدين ثابت بالكتاب وسنة سيد المرسلين ومن أنكر فرضيتها أو جحدها فهو من الكفرة المرتدين .

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

[ الجمعة: ٩ ].

وقال رسول الله ﷺ : (( رواح الجمعة واجب على كل محتلم ))(1)

وفي رواية: (( الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك او امرأة أو صبي أو مريض، ))(2).

والحكمة من مشروعيتها هي: اجتماع المسلمين وتعارفهم وتالفهم وتوحيد كلمتهم وتذكيرهم بأحكام دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وتوجيههم إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدني والآخرة، فإن تكرار التذكير كل أسبوع له أثر واضح في إصلاح الفرد والجماعة .

وصدق الله العظيم إذ يقول :﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [ الذاريات: ٥٥] .

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه النسائي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم/ 3521.

(2)أخرجه ابو داود بسند صحيح، انظر : صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم/ ٣١١١.

 

 

حكم التخلف عن الجمعة بغير عذر:

ولما كانت الجمعة فرضا من فرائض هذا الدين فإن التخلف عنها وتركها والتهاون فيها كبيرة من الكبائر ومعصية لرب العالمين. وقد توعد الله تبارك وتعالى تارك الجمعة بالعذاب على لسان رسوله الأمين ﷺ. حيث قال: (( لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ))(1)

وقال رسول الله ﷺ : (( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم تم ليكونن من  الغافلين ))(2)

وقال عليه الصلاة والسلام: (( من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين ))(3) .وفي رواية : ((من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه))(4).

فإذا كان هذا هو حكم الجمعة وفضلها وحكمتها وتلك هي عقوبات تاركها والمتهاون بها فإن السعي إليها والحرص عليها واجب على كل من وجبت عليه. فينبغي أن يتهيأ المسلم لأداء الجمعة وأن لا يتشاغل عنها بسبب من الأسباب المؤدية إلى تركها من تجارة وغيرها لأن التشاغل بمثل هذه الأمور وغيرها حرام شرعا.

قال الله تبارك وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ))  [ الجمعة: ٩ ].

فالنهي عن التشاغل وإن كان قد ورد في البيع فهو عام يشمل كل ما يؤدي إلى ترك الجمعة سواء أكان عقدا أو غيره لأن كل ذلك يمنع من تحقيق الغاية المطلوبة وهي أداء الجمعة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الإمام مسلم، انظر: مختصر صحيح مسلم، حديث رقم/ ٣٢٦.

(2) أخرجه الإمام مسلم، انظر: مختصر صحيح مسلم، حديث رقم/ ٤٢٦ .

(3) أخرجه الطبراني بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم/ ٦١٤٤ .

(4) أخرجه الإمام أحمد والحاكم بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم / ٦١٤٣.

 

سنن الجمعة وآدابها:

أ- الاغتسال يوم الجمعة والتبكير إليها: فيسن للمسلم أن ينظف جسده بالغسل وأن يذهب إلى الجمعة مبكرا. قال رسول الله ﷺ : (( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ))(1).

وقال رسول الله ﷺ : ((من اغتسل ثم أتى الجمعة حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام))(2). قال رسول الله ﷺ: ((إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على قدر منازلهم الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر))(٣)

ب- التجمل والتطيب : ينبغي أن يتزين المسلم يوم الجمعة ويلبس احسن ثيابه ويتطيب بمحاسن الطيب لان يوم الجمعة عيد للمسلمين .

قال رسول الله ﷺ : (( لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))(1) . قال أبو هريرة رضي الله عنه في حديث اخر في صحيح مسلم: (( وفضل ثلاث أيام ))(2)

الله عنه

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) متفق عليه، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٦٠٦٣ .

(٢) أخرجه الإمام مسلم، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رفم/ ٦٠٦٢ .

(٣) متفق عليه، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٧٧٥.

(4) أخرجه الإمامان أحمد والبخاري، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٧٧٣٦.

(5) انظر: مختصر صحيح مسلم، حديث رقم/ ٤٢٠ .

 

ج - أن لا يتخطى رقاب المصلين: فعن عبدالله بن بشر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي ﷺ يخطب فقال له :

(( اجلس فقد اذيت ))(1).

د- أن يستمع إلى الإمام ولا يتكلم ولا يعبث بيديه: قال رسول الله    ﷺ : ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة انصت والإمام يخطب فقد لغوت))(2) . وقال ﷺ : (( ومن مس الحصا فقد لغى ))(3).

واللغو: الإثم، ويؤدي إلى نقص الأجر ولا تبطل به الصلاة.

هـ- قراءة القران بشكل عام وسوره الكهف بشكل خاص : يستحب أن يقرأ المسلم في هذا اليوم المبارك ما تيسر من القران الكريم وأن يحافظ على قراءة سوره الكهف لأنه يوم تضعف فيه الأعمال. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي تخطية قال: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له النور ما بين الجمعتين))(4).

وقال رسول الله ﷺ : (( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور مابينه وبين البيت العتيق ))(5)

وهذا يعني أن الذي يحافظ على قراءة سورة الكهف يحفظ الله إيمانه وينور قلبه.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الإمام أحمد والنسائي وأبو داود بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ١٥٥ .

(2) متفق عليه، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث د هم لالا.

(3) أنى جه ابن ماجة بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رفم٦٥٥.

(4) أخرجه الحاكم والبيهقي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حد رقم ٦٤٧٠.

(5) أخرجه البيهقي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٦٤٧١.

 

و- الإكثار من الصلاة على رسول الله ﷺ: يستحب الإكثار من الصلاة على رسول الله ﷺ  ليلة الجمعة ويومها لأن الصلاة تعرض عليه حيث قال : (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق ادم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ))(1)

وقال عليه الصلاة والسلام: (( أكثروا الصلاة علي في يوم الجمعة، فإنه ليس يصلي علي أحد يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته))(2)

ز- الإكثار من الدعاء لأن فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء: قال رسول الله ﷺ : (( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ))(3)

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامم الصغير، حديث رقم/ ٢٢١٢ .

(2) أخرجه البيهقي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم / 1208.

(3) أخرجه البخاري. انظر: مختصر صحيح البخاري حديث رقم/ ٥٢١ .