حكم التورق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.

التورق: شراء السلعة بثمن مؤجل وإعادة بيعها بثمن حال إلى غير من اشتريت منه بقصد الحصول على النقد يطلق عليه اصطلاحا .

تقوم بعض المصارف الإسلامية بشراء سلعة من الأسواق المحلية أو الدولية ثم تبيعها مرابحة بثمن مؤجل لبعض المتعاملين الراغبين بالحصول على النقد ، ثم يبيعونها بثمن حال أقل غالباً ، فيصبحون مدينين للمصرف بثمن السلعة المؤجل مقابل حصولهم على ثمنها الحال .

إن التورق بضوابطه الشرعية مخرج أجيزلتوفير السيولة النقدية للمتعاملين الذين تتعذر تلبية حاجاتهم من خلال الصيغ الشرعية المعتمدة للتمويل مثل المرابحة والإجارة والمشاركة ونحوها .

الحكم الشرعي لهذه المعاملة :

   للتورق صورتان : التورق الفقهي والتورق المصرفي ، أما التورق الفقهي فهو : شراء شخص سلعة بثمن مؤجلواعادة بيعها نقداً بثمن أقل غالباً إلى غير من اشتريت منه بقصد الحصول على النقد .

 وأما التورق المصرفي فهو : قيام المصرف بعمل نمطي ( نماذج عقود معتمدة من قبل المصرف ) يتم فيه ترتيب بيع سلعة من أسواق السلع العالمية أو غيرها على المستورق بثمن آجل على أن يلتزم المصرف بأن ينوب عنه في بيعها على مشترٍ آخر بثمن حاضر ، وتسليم ثمنها للمستورق .

   ويختلف التورق الفقهي  عن التورق المصرفي بأن التورق الفقهي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن مؤجل تدخل في ملك المشتري ، ويقبضها قبضاً حقيقياً أو حكميا وتقع في ضمانه ، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حال لحاجته إليه .

 أما التورق المصرفي فلا تتحقق فيه شروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة لأن المعاملة تنفذ بموجب عقود نمطية تجعل المعاملة مجرد بيوع صورية غاية المصرف منها منح تمويل نقدي بزيادة ، فهو يهدف من اجرائها إلى أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل بصورة بيع وشراء .

   وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي قراران في حكم التورق الفقهي والمصرفي جاء فيهما :

أولاً : عدم جواز التورق المصرفي للاعتبارات التالية :

1- لأن فيه تواطؤ بين المصرف الممول والشخص المستورق صراحة أو ضمناً تحايلاً لتحصيل النقد الحاضر بأكثر منه في الذمة وهو ربا .

2- لأن قيام المصرف في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشترٍ آخر أو ترتيب من يشتريها يجعل المعاملة شبيهة بالعينة المحرمة .

3- أن هذه المعاملة تؤدي الى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة .

4- أن واقع هذه المعاملة يقوم على أساس عقود صورية من البيع والشراء غاية المصرف منها تحقيق الزيادة على ما قدم من تمويل فهي حيلة محرمة للحصول على النقد .

ثانياً : جواز التورق الفقهي إذا كان مستوفياً لشروط البيع المقررة شرعاً لأنه يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقياً وتقع في ضمانه ، ثم يقوم هو ببيعها بثمن حال لحاجته إليه .

 

الضوابط الشرعية لصحة التورق الفقهي:

 

1.التأكد من وجود السلعة ، وتملك البائع لها قبل بيعها.

2.ألا يكون المبيع من الذهب أو الفضة أو العملات بأنواعها .

3.وجوب تعيين السلعة تعييناً يميزها عن موجودات البائع الأخرى وذلك إما بحيازتها أو بيان أرقام وثائق تعيينها مثل أرقام شهادات تخزينها.

4. وجوب تزويد العميل ببيانات السلعة بالوصف أو الأنموذج ، وكميتها ومكان وجودها  إذا لم تكن السلعة حاضرة عند العقد  ليكون شراؤه للسلعة حقيقياً وليس صورياً  .

5. قبض السلعة إما حقيقة وإما حكماً بالتمكن فعلاً من القبض الحقيقي وإنتفاء أي قيد أو إجراء يحول دون قبضها .

6.وجوب أن يكون بيع السلعة  إلى غير البائع الذي أشتريت منه بالأجل (طرف ثالث) لتجنب العينة المحرمة ، وألا ترجع إلى البائع بشرط أو مواطأة أو عرف .

7.عدم الربط بين عقد شراء السلعة بالأجل وعقد بيعها بثمن حال ، بطريقة تسلب العميل حقه في قبض السلعة ، سواء كان الربط بالنص في المستندات أم بالعرف أم بتصميم الإجراءات .

8.عدم توكيل العميل للمصرف في بيع السلعة التي اشتراها منه إلا إذا كان النظام لايسمح للعميل ببيع السلعة بنفسه إلا بواسطة المصرف فلا مانع من التوكيل له على أن يكون في هذه الحالة بعد قبضه السلعة حقيقة أو حكماً .

9.ألا يبيع العميل السلعة إلا بنفسه أوعن طريق وكيل غير المصرف .

 

هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين