الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ورسولنا
محمد الطاهر الأمين
يطلق على التأمين الذي تمارسه شركات التأمين
الإسلامي المصطلحات التالية : التأمين التعاوني، التأمين التبادلي، التأمين
التكافلي، التأمين الإسلامي.
ويحتل مصطلح التأمين التعاوني المرتبة الأولى
من حيث كثرة الاستعمال بين هذه المصطلحات ويليه مصطلح التأمين الإسلامي ثم
التأمين التكافلي وأخير التأمين التبادلي.
أما التأمين التعاوني فهو المصطلح المألوف والمعروف
لدى المجامع الفقهية ومؤتمرات الاقتصاد الإسلامي استئناساً بقول الله تبارك
وتعالى:(وتعاونوا
على البر والتقوى)[المائدة: ٢].
وأما مصطلح التأمين الإسلامي فقد اكتسب هذه التسمية من
الحكم الشرعي للتأمين التعاوني وهو الحل والإباحة كبديل للتأمين التجاري المحرم.
ويكثر استعمال هذا المصطلح لدى الجهات الرسمية المسؤولة
عن ترخيص شركات التأمين، ومراقبة أعمال التأمين، فشركات التأمين عند هذه المؤسسات
تقسم إلى شركات تأمين تجاري، وشركات تأمين إسلامي بغض النظر عن ماهية ونوع واسم
التأمين الذي أُنشئت على أساسه شركات التأمين الإسلامي.
وقد شاع استعماله أيضاً في المجتمعات التي اعتادت على
التأمين التجاري، وكان تتحرج من التعامل مع تلك الشركات، فلما ظهر البديل الشرعي
أصبحوا يطلقون عليه التأمبن الإسلامي.
وفي الوقت نفسه يكثر استعمال مصطلح التأمين التكافلي على
ألسنة بعض الباحثين في التأمين الإسلامي
استئناساً بالحديث النبوي الشريف:«أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبابة الوسطى وفرّج بينها [1]
أما مصطلح التأمين التبادلي فأقل تلك المصطلحات شيوعاً، ويطلق على
التأمين الإسلامي تجوزاً من باب إطلاق اسم الجزء على الكل لأنه يمثل صورة من صور
التأمين التعاوني، ومن أشهر من أطلق عليه هذا الاسم الأستاذ مصطفى الزرقاء رحمه
الله في كتابه نظام التأمين حيث قال:«مما لا ريب فيه ولا مراء أن التأمين غير الاسترباحي بنوعيه: التعاوني المحض
البدائي والتبادلي المتطور جائز بالنظر الشرعي الإسلامي»[2]
فالأستاذ الزرقاء رحمه الله يطلق على التأمين التعاوني بصورته
المتطورة التي قامت على أساسها شركات التأمين الإسلامي فيما بعد مصطلح التأمين
التبادلي، ويبين أيضاً في موضع آخر من الكتاب حقيقة التأمين التبادلي كنوع من
انواع التأمين التعاوني حيث يقول:
فالتأمين التبادلي هو الذي
تقوم به فئة من الناس كأهل سوق معينة مثلاً يتعرضون لنوع من المخاطر، فيكتتبون
فيما بينهم بمبالغ نقدية يقدم كل منهم حصة منها. وتوضع في صندوق للطوارئ ليؤدى
منها تعويض لأي مكتتب منهم عندما يقع عليه الخطر الذي اكتتبوا من أجله.
فإن لم تف الأقساط المجبية تزاد أو يكتفي بالموجود منها، وإن زاد منها
شيء بعد تعويض الضرر الواقع على صاحبه يعاد إلى المكتتبين أو يترك رصيداً
للمستقبل)[3]
فالتأمين التبادلي هو تأمين تعاوني ضد خطر محدد لفئة معينة من الأشخاص
تجمعهم مهنة أو صفة مشتركة.
الفرق بين التأمين الذي تمارسه شركات التأمين الإسلامي
والتأمين التبادلي الذي تمارسه الشركات غير الإسلاميةفي الولايات المتحدة
الأمريكية وأوروبا .
يتفق التأمينان في أن كلاً
منهما يتكون من مجموعة من المستأمنين يلتزم كل منهم بدفع مبلغ من المال لترميم
آثار الأخطار التي تهددهم أو تهدد مهنتهم حال تحققها على أساس التعاون أو التبادل.
وتفترق شركات التأمين التبادلي غير الإسلامية عن الشركات
الإسلامية بأنها تتعامل مع البنوك
الربوية، ولا تلتزم بأحكام الشريعة
الإسلامية في معاملاتها، على العكس من شركات التأمين الإسلامية التي لا
تتعامل مع البنوك الربوية لا إيداعاً ولا افتراضاً ولا اسثماراً وتلتزم بأحكام
الشريعة الإسلامبة في جميع معاملاتها حيث تحرص مجالس إدارة هذه الشركات على أن
يكون لكل شركة هيئة رقابة شرعية تراقب وتتابع التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية
في جميع معاملاتها.
ومن جهة أخرى فإن شركات التأمين الإسلامية ينفصل فيها حساب المساهمين عن حساب المستأمنين
في حين أن شركات التأمين التبادلي غير الإسلامية لا ينفصل فيها الحسابان لأنها
تعتبر كل مشارك فيها مساهماً، فالمساهمون هم المستأمنون، ومن هؤلاء تتكون الجمعية
العمومية لتلك الشركات التي تقوم بدورها باختيار مجلس الإدارة.
يضاف إلى ذلك أن أقساط التأمين في شركات التأمين غير الإسلامية تكون
متساوية أو شبه متساوية في حين أن أقساط
التأمين في شركات التامين الإسلامي
متفاوتة بحسب الخطر المؤمن منه.
وكذلك الأمر بالنسبة لأنواع
التأمين فهي محددة ومقصورة على بعض أنواع التأمين كالتأمين من المرض والبطالة في
حين أن وثائق التأمين في شركات التأمين الإسلامي تتعدد لتشمل جميع أنواع التأمين الثلاث: الممتلكات والمسؤولية
والشخاص.
ومن الفروق الرئيسية أيضاً أن شركات التأمين غير الإسلامية لا تسعى
لتحقيق الربح وإنما تسعى لتفادي الأضرار الناجمة عن الأخطار التي تحدد المشتركين
على أساس تبادل التعاون بينهم.
أما شركات التأمين الإسلامية فإن تحقيق الربح مقصود أصالة من تأسيسها
بالنسبة للمساهمين أما المستأمنون فإن
التعاون لتفادي الأضرار الناجمة عن الأخطار مقصود أصالة أما الربح فليس مقصوداً
أصالة ولكنه مقصود تبعاً.
هذا وبالله التوفيق
[1]أخرجه الإمام البخاري أبو
داوود والترمذي بإسناد صحيح انظر: الجامع
الصغير للسيوطي 1/108
[2] نظام التأمين/ الأستاذ مصطفى
الزرقا /131.
[3]نظام التأمين/ الأستاذ مصطفى الزرقا/123.