الاستشارات الشرعية لمرابحات المصارف الاسلاميه


المعاملة الأولى 
بيع السلع مرابحة قبل قبضها 

صورة المعاملة: تمارس معظم المصارف الإسلامية بيع السلع مرابحة من غير أن تحوزها وتنقلها من مكانها الذي يملكه البائع. وهو ما يعرف بقبض الحيازة والفصل. 
الاستشارة الشرعية: إن للقبض أثراً هاماً في عقد البيع فهو شرط لصحته فالبائع ضامن للمبيع قبل تسليمه للمشتري، فإذا تسلمه المشتري خرج من ضمان البائع وانتقل إلى ضمان المشتري. 
وبيع المرابحة للآمر بالشراء يشترط لصحته القبض لأن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم:(نهى عن بيع الإنسان ما ليس عنده). والحكمة من النهي حتى لا يربح البائع ما لم يضمن، وقد (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ربح ما لم يُضمن)، أي مالم يدخل في ضمان البائع قبل البيع تحقيقاً لقوله -صلى الله عليه وسلم- (الخراج بالضمان) والقاعدة الفقهية (الغُنم بالغُرم). 
ولم يرد نص من القرآن الكريم أو السنة الشريفة في تعريف القبض وتحديد معناه، بل ترك ذلك للعرف، فكل ما عده الناس قبضاً اعتبر في حكم الشرع قبضاً كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:(القبض معنى عام، يكون في كل شيء بحسبه). 
والقبض بالمفهوم الشرعي يقسم إلى قسمين قبض حقيقي وقبض حكمي، أما القبض الحقيقي فيتحقق في غير المنقولات من العقارات بالتخلية بين المشتري والمبيع وتمكينه من التصرف فيه بالبيع أو الهبة، ويتحقق القبض الحكمي في العقارات بتسجيل العقار في السجل المعتبر قانوناً لدى المؤسسات المختصة بذلك. فيقوم التسجيل مقام القبض الحقيقي في أحكامه واثاره. 
ويتحقق القبض الحقيقي في المنقولات بالتسليم الحسي أو ما يعرف بالحيازة، وأما القبض الحكمي في المنقولات المعينة بالذات فيتحقق بالتخلية بين المشتري وبين المبيع على وجه يتمكن به من التصرف فيه من غير مانع ولو لم يحصل النقل والتحويل (الحيازة). 
إن الممارسات العملية لبيع المرابحة في المصارف الإسلامية ونحوها تكون صحيحة من الناحية الشرعية فيما يخص شرط القبض إذا دخل المبيع في ضمان المصرف بصفته مشترياً للسلعة من مالكها الأول وتحمل مخاطر هلاكها وتلفها وظهور العيوب الخفية فيها سواء أكان القبض حقيقة أو حكماً. 
ولا يشترط لصحة بيع المنقولات مرابحة أن يكون القبض حقيقياً بالحيازة والنقل من مكان لآخر، فيكتفى بقبض التخلية الذي يتمكن فيه المصرف من التصرف بالسلعة من غير مانع ولو لم تنتقل أو يتم حيازتها، لأن القبض ليس مقصوداً لذاته بل لترتيب حكم الضمان عليه، فالبائع ضامن للمبيع قبل تسليمه للمشتري، فإذا تسلمه المشتري خرج من ضمان البائع وانتقل إلى ضمان المشتري. 
 فإذا تم القبض بأي طريق يعده العرف قبضاً واتفق العاقدان على انتقال الضمان به كان قبضاً معتبراً شرعاً، إذ أن نهي الشارع عن بيع الشيء قبل قبضه يساوي نهيه عن ربح ما لم يضمنه سواء أطالت المدة أو قصرت. ويستثنى من ذلك بيع الطعام فيشترط لصحة بيعه أن يكون القبض حيازة بنقله من مكانه لورود النص في ذلك.  
ويجوز للمصرف أن يتولى القبض أصالة عن نفسه من خلال موظفيه، كما يجوز  له أن يوكل من يتولى القبض نيابة عنه 
ويعتبر قبض المستندات الصادرة باسم المصرف في المرابحات الخارجية قبضاً حكمياً إذا كان يحصل بها التعيين للسلع والبضائع والمعدات والتمكين من التصرف بها، مثل مستندات الشحن، وشهادات التخزين. 
وبناء عليه فيحرم على المصرف أن يبيع سلعة مرابحة قبل تملكه لها، فلا يصح توقيع عقد المرابحة مع الآمر بالشراء قبل التعاقد مع البائع الأول (المالك) وقبض المبيع حقيقة أو حكماً. هذا والله تبارك وتعالى أعلم  


المعاملة لثانية 
شراء المصرف مركبة مرهونة لبنك ربوي 

صورة المعاملة: يتقدم بعض الأشخاص بطلب إلى المصرف أو يبدي رغبته بأن يقوم المصرف بشراء مركبة معينة له من شخص كان قد اشتراها بقرض من بنك ربوي، وتتطلب إجراءات المعاملة أن يتعهد المصرف بدفع ما بقي من ثمنها إلى البنك الربوي لفك الرهن لانها مرهونة لصالحه. 
الاستشارة الشرعية: إن الإجراءات الشرعية لبيع المرابحة للآمر بالشراء تتطلب عقدين، الأول:عقد بيع بين المصرف ومالك المركبة، والثاني: عقد مرابحة بين المصرف والآمر بالشراء. 
   ونظراً لكون المركبة المراد شراؤها مرهونة لبنك ربوي ولا يمكن أن تنتقل ملكيتها إلى المصرف الإسلامي بصفته مشترياً في عقد البيع بينه وبين مالكها، فإن الإجراء الشرعي الصحيح أن يعقد بين المصرف والمالك للمركبة عقد بيع عرفي غير مسجل في الدوائر الرسمية وهو عقد صحيح تنتقل به ملكية المركبة للمصرف حتى ولو كان فيه مخالفة قانونية. 
   ويقوم المصرف الإسلامي بموجب عقد البيع العرفي بدفع ثمن المركبة إلى مالكها ليقوم هو بدوره بدفع ما بقي في ذمته من دين إلى البنك الربوي ويتولى بنفسه إجراءات فك الرهن، وينبغي أن يتخذ المصرف الإجراءات اللازمة لضمان حقه في استلام المركبة من البائع. 
   وبعد قيام البائع بدفع باقي الثمن للبنك الربوي وفك رهن المركبة يعقد المصرف الإسلامي عقد بيع مرابحة بينه وبين الآمر بالشراء لنقل ملكية المركبة له. ويطلب المصرف من البائع الأول نقل ملكية المركبة في الدوائر الرسمية منه مباشرة إلى الآمر بالشراء بناء على توكيل المصرف له بذلك بصفته مالكاً للمركبة بموجب عقد البيع العرفي الذي عقد ما بين المصرف والمالك الأول. 
   ولا يجوز للمصرف الإسلامي أن يتعهد بسداد قيمة المركبة للبنك الربوي، لأن الدين الثابت في ذمة مالك السيارة المرهونة للبنك الربوي هو قرض ربوي بفائدة.  فإذا قام المصرف بالتعهد للبنك الربوي بدفع الدين مقابل فك الرهن فإنه يكون قد التزم بالإضافة إلى أصل القرض بدفع الفائدة الربوية وهو أمر محرم شرعاً لأن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الثالثة 
شراء السلعة مرابحة بثمن مؤجل بقصد بيعها بثمن حال وهو ما يعرف بالتورق الفقهي 

صورة المعاملة: يبدي بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية رغبتهم في شراء مركبات أو سلع على أساس المرابحة للآمر بالشراء بقصد الحصول على النقود، فيقومون ببيع تلك السلع أو المركبات بأثمان حالة (نقداً) أقل من الثمن الذي اشتريت به لطرف ثالث غير البائع. 
الاستشارة الشرعية: إن شراء السلع ومنها المركبات من المصارف الإسلامية أو ما يشابهها من صناديق الاستثمار، وشركات التمويل الإسلامي على أساس المرابحة بثمن مؤجل بقصد بيعها بثمن حال أقل من الثمن الذي اشتريت به لشخص أو جهة أخرى يسمى عند أهل العلم بالتورق، وهي من المسائل المختلف في حكمها تبعاً لاختلاف العلة التي بني عليها الحكم. 
   والذي يبدو لي أن التورق الفقهي صورة من صور بيع العينة المحرم شرعاً، لأنه تحايل على أكل الربا، لأن مقصد الآمر بالشراء هو الحصول على النقد وقد لجأ إلى الشراء والبيع لتحقيق غايته ومقصده، وترتب على ذلك أنه قد حصل على مبلغ من المال وهو الثمن الذي باع به السلعة أو المركبة وقد أصبح مقابل حصوله على المبلغ النقدي مديناً للبنك بمثله وزيادة. فكأنه قد اقترض قرضاً بفائدة وهو عين الربا. 
   وكان الخليفة عمر بن العزيز رحمه الله يسمي مثل هذه المعاملات بأخية الربا. 
   والفرق بين التورق والعينة أن المشتري في بيع العينة يعيد بيع السلعة لمن اشتراها منه، وفي التورق يعيد بيعها لشخص أو جهة أخرى غير الذي اشتراها منه. 
   والأسس الشرعية لمنع هذه المعاملة هي: 
1- أن الأعمال بالنيات لقوله رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-:( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )، وقد استنبط الفقهاء من ذلك القاعدة المشهورة ( العبرة في العقود للمقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني ). 
   فالحكم على العقد يكون بحسب المقصد، ومن الواضح في التورق أن المشتري لم يقصد من المرابحة الانتفاع بالسلعة وإنما قصد الحصول على النقد، وترتب على ذلك زيادة عما حصل عليه والزيادة على النقد مقابل الأجل هي الربا المحرم، لذلك كان الحكم على المعاملة بأنها محرمة شرعاً. 
2- أن ما يؤدي إلى حرام فهو حرام، والتورق يؤدي إلى الوقوع في الربا كما تقدم فظاهره شراء وبيع وحقيقته اقتراض بفائدة. 
   وبناء عليه فينبغي على المؤسسات التي تعلن التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية  أن لاتبيع مرابحة كل متعامل يتبـين لها أنه لا يرغب بشراء السلعة بقصد الانتفاع بها بل يريد شراءها ليبيعها بثمن أقل بقصد الانتفاع بثمنها لأن في ذلك إعانة على المعصية والإعانة على المعصية معصية لقول الله تبارك وتعالى:  ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان 
  كما لا يجوز للمتعاملين مع المصارف الإسلامية وغيرها من مؤسسات التمويل الإسلامي التعامل بالتورق ولا العينة. هذا والله تبارك وتعالى أعلم. 


المعاملة الرابعة 
شراء مجموعة سلع من مصادر متعددة يرغب بها الراغب بالشراء 

صورة المعاملة: يرغب بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية في الحصول على أكثر من سلعة لغايات بناء مسكن له، ولاتتوفر جميع تلك السلع عند مصدر واحد، بل إن كل سلعة منها يختص ببيعها جهة معينة.     
الاستشارة الشرعية: إن مثل هذه الحالة يمكن أن تنفذ بموجب اتفاقية تمويل مرابحة بين المصرف والآمر بالشراء بعد تقدمه بطلب الشراء وتوقيعه على الوعد بالشراء بعد تملك المصرف للسلع المطلوبة. 
   ويتم الاتفاق بين الفريقين على الأمور المشتركة بين جميع الصفقات التي سوف يتم من خلالها شراء جميع تلك السلع وأهمها:  
   الحد الأقصى لمبلغ التمويل وهو ما يعرف بسقف التمويل، ونسبة الربح السنوية التي يأخذها المصرف، والمدة الزمنية للتقسيط، ثم يقوم الآمر بالشراء بتنفيذ كل صفقة على حدة بموجب عقد مرابحة بينه وبين المصرف وفق الآلية المتبعة لشراء السلع.  وبعد اكتمال تنفيذ بيع جميع السلع التي يرغب بها الآمر بالشراء يتم احتساب الثمن الإجمالي للمرابحات المتعددة، والربح الإجمالي لجميع تلك الصفقات، ويقسط كامل الدين حسب الاتفاق بينهما. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة الخامسة 
تغطية أجور العمال على أساس المرابحة بإضافتها إلى جملة ثمن مواد البناء 

صورة المعاملة: يتقدم بعض الراغبين في الحصول على تمويل مرابحة لمواد البناء من المصارف الإسلامية بعرض أسعار صادر عن مؤسسة للمقاولات أو تجارة مواد البناء يشتمل على قيمة مواد البناء المرغوب بشرائها ومضافاً إليها أجور العمال الذين سوف يقومون بأعمال البناء والتركيب اللازم. 
الاستشارة الشرعية: بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي تتعامل به المصارف الإسلامية يحقق غاية الراغبين في الحصول على سلع يحتاجون إليها ولا يملكون ثمنها النقدي، ولا يحقق غايتهم في الحصول على النقد. 
   فلا يجوز شرعاً إضافة أجور العمال الذين سوف يقومون بأعمال البناء والتركيب اللازم إلى جملة ثمن السلع في عرض الأسعار المقدم من البائع، لأن الأجور سوف تدفع نقداً وليست سلعة، ومعلوم أن المصرف إذا أدخلها في جملة الثمن وأخذ عليها زيادة بسبب تأجيل الدفع فإن تلك الزيادة تكون ربا.  
   وبناء عليه فلا يجوز لتجار مواد البناء أدراج أجور العمال ضمن أثمان المواد المقدمة في عرض الأسعار لأنهم بذلك يضللون المصرف ويوقعون الآمر بالشراء والمصرف في إثم الربا. 
   كما لا يجوز للمصرف إذا علم بذلك أن ينفذ تلك المعاملة، وفي حالة تنفيذها مع العلم بذلك فإن الزيادة المأخوذة مقابل الأجور تعد كسباً حراماً لا يجوز أن يدخل إيرادات المصرف المشروعة ويجب أن يجنب في حساب وجوه الخير، لأنه كسب غير مشروع. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة السادسة 
تسديد الديون على أساس المرابحة 

صورة المعاملة: يرغب بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية بتسديد ما في ذمته من أثمان السلع التي سبق له وأن اشتراها واستهلكها، فيقوم بعملية مرابحة صورية تتمثل بإحضار عرض بيع سلع من التاجر الدائن للعميل باسم المصرف، ويطلب من المصرف الموافقة على شرائها ودفع ثمنها للتاجر ليقوم بخصم ذلك من الدين الذي في ذمة المتعامل، ثم بقوم المصرف بعقد بيع مرابحة مع المتعامل بناء على عقد البيع الصوري بين المصرف والتاجر الدائن. 
الاستشارة الشرعية: يشترط لصحة بيع المرابحة للآمر بالشراء أن يكون المبيع فيه سلعة يرغب المتعامل بشرائها، وليس سلعة كان قد اشتراها من قبل. فالمرابحة لا تصح على أثمان السلع الثابتة في ذمة الآمر بالشراء، لأن محل التعاقد بين المصرف والتاجر الذي قدم عرض البيع الصوري هو الدين الثابت في ذمة الآمر بالشراء، لأن السلع المذكورة في عرض البيع قد اشتريت من قبل، وغاية الآمر بالشراء من هذا التعاقد هو سداد ما في ذمته من دين إلى التاجر الدائن له ومن المقرر شرعاً أن بيع الدين لغير المدين إذا ترتب عليه زيادة فهو ربا، لأنه مبادلة بين ثمنين مع زياة أحدهما على الآخر بسبب الأجل وهو عين الربا. 
   وبيان ذلك: أن الثمن الأول في هذه المعاملة هو الدين الذي في ذمة الآمر بالشراء للتاجر مقابل السلع التي كان قد اشتراها منه. 
   أما الثمن الثاني: فهو ثمن البضاعة المقدمة في عرض البيع من التاجر إلى المصرف والذي سيدفعه المصرف للتاجر بصفته بائعاً ونظراً لكون عرض البيع المقدم من التاجر عرضاً صورياً فإن حقيقة التعاقد بين ( المصرف والتاجر ) ستكون ثمناً بدين وليس ثمناً بسلعة وهو باطل شرعاً. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة السابعة 
شراء شقة أو منزل أو مبنى تحت التنفيذ مرابحة 

صورة المعاملة: يتقدم بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية بطلب يرغب من خلاله بشراء شقة أو منزل أو مجمع تجاري لم يكتمل بناؤه بعد أو أنه مبني ولكنه غير مجهز ( مشطب ) على أساس المرابحة . 
الاستشارة الشرعية: يشترط لصحة المرابحة أن يدخل المبيع في ضمان المصرف أولاً بحيث يتم تملكه وقبضه حقيقة أو حكماً من مالكه ثم بعد ذلك يتم بيعه مرابحة للآمر بالشراء. 
  وبناء عليه فإن المباني التي لم يشرع في تنفيذها تدخل في بيع الأعيان الموصوفة في الذمة، فلا يجوز بيعها مرابحة لأن المبيع في الذمة لا يتحقق فيه شرط القبض الشرعي لأنه لا يدخل في ضمان المصرف إلا بعد استكمال بنائه وتجهيزه، فإذا تم بيعه مرابحة قبل تجهيزه فيكون المصرف قد باع شيئاً لم يقبضه ولم يدخل في ضمانه وهو بيع باطل شرعاً. 
   ويستثنى من ذلك المباني غير المجهزة التي شرع في بنائها، فيجوز بيعها مرابحة للمصارف قبل تجهيزها لأنها تدخل في الأعيان الموجودة والتي يتحقق فيها شرط القبض الشرعي. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 



المعاملة الثامنة 
شراء أحد الزوجين من الآخر سلعة مرابحة 

صورة المعاملة: يتقدم بعض الأزواج بطلب إلى المصرف لشراء شقة أو سيارة أو عيادة أو نحو ذلك من الأشياء التي يملكها زوجه الآخر مرابحة . 
الاستشارة الشرعية: لهذه المعاملة صورتان غالباً، ولكل منهما حكم مختلف عن الحكم الآخر. 
الصورة الأولى: أن تكون السلعة مملوكة أصلاً لاحد الزوجين، فيجوز في هذه الحالة أن يشتري المصرف السلعة منه بناء على طلب الزوج الآخر، ثم يقوم بعد تملكها ببيعها مرابحة له لأن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن الآخر  
الصورة الثانية: أن تكون السلعة مملوكة أصلاً للزوج مثلاً، ثم يقوم بنقل ملكيتها لزوجته ليقوم بعدها بشرائها مرابحة عن طريق المصرف لغايات الحصول على ثمنها نقداً لحاجته لذلك. 
   ففي هذه الحالة لا يجوز للمصرف تلبية رغبة المتعامل لأن المعاملة تؤول إلى بيع العينة المحرم شرعاً، فواقع الحال أن الزوج يريد بيع سلعته للمصرف بثمن حال ثم يقوم بشرائها من المصرف بثمن مؤجل، وقد جعل من نقل ملكية السلعة إلى زوجته حيلة للحصول على النقد، وهذه الحالة تمثل صورة من صور بيع العينة المحرم. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة التاسعة 
شراء حصة من العقار مرابحة 

صورة المعاملة: يرغب بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية بشراء حصة من أرض أو مبنى مرابحة ويتقدم بطلب للمصرف بهذا الخصوص يبين فيه رغبته في قيام المصرف بتمويل حصة من شقة سكنية أو مجمع تجاري أو قطعة أرض على أساس المرابحة. 
الاستشارة الشرعية: يجوز للمصرف أن يشتري حصة شائعة من عقار (أرض أو بناء) بناء على طلب الراغب بالشراء، ثم يبيعها مرابحة بعد تملكه لتلك الحصة تملكاً ناقلاً للضمان، لأن من المقرر شرعاً أنه يجوز شراء حصة شائعة محددة في عقار لغايات الاستعمال الشخصي أو اعادة البيع بقصد الاستثمار وفق الضوابط الشرعية التالية: 
1- أن يتقدم الراغب بالشراء بطلب يبين فيه رغبته في شراء حصة شائعة من عقار معين مرابحة. 
2- أن يتم توقيعه على نموذج الوعد بالشراء بعد تملك المصرف له في حالة موافقة المصرف على طلبه. 
3- أن يقوم المصرف بشراء الحصة المطلوبة من المالك بموجب عقد بيع عرفي بين الفريقين، بحيث تصبح الحصة المشتراة مملوكة للمصرف وتحت تصرفه، لأن الملكية تنتقل شرعاً بعقود البيع العرفية. 
4- أن يقوم المصرف ببيع ما اشتراه من حصة شائعة إلى الآمر بالشراء مرابحة. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 



المعاملة العاشرة 
بيع الذهب والنقود مرابحة
  
صورة المعاملة: يرغب بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية بشراء ذهب مرابحة بحيث يقوم المصرف بشراء الذهب أولاً ثم بيعه مرابحة وبثمن مؤجل للآمر بالشراء. 
الاستشارة الشرعية: ثبت في صحيح السنة النبوية النهي عن بيع الذهب والفضة بالثمن المؤجل سواء أكان الذهب مضروباً نقوداً أو مصاغاً أو تبراً ومن ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا تبتاعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا زيادة بينهما ولا نظرة)، وقوله عليه الصلاة والسلام: ( الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة يداً بيد وأما نسيئة فلا ).
والعلة في التحريم هي الثمنية لأن الذهب والفضة تعارف الناس على كونهما ثمناً للأشياء، فيلحق بهما كل ما تعارف الناس على اعتباره ثمناً كالأوراق النقدية فلا يجوز أيضاً أن تباع بثمن مؤجل.
ومعلوم أن الثمن في بيع المرابحة للآمر بالشراء يكون مؤجلاً ومقسطاً، وبناء عليه فلا يجوز للمصارف الإسلامية أن تبيع أو تشتري الذهب أو الفضة أو العملات بثمن مؤجل.
أما دعوى أن الذهب أصبح سلعة فيجوز بيعه بالثمن المؤجل كبقية السلع، فيجاب عنها بأن الذهب كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم سلعة تباع وتشترى ومع ذلك صدر النهي الصريح بحرمة بيعها بثمن مؤجل.
وخير شاهد على ذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة التي دلت على وجود المصاغ الذهبي مع الرجال والنساء، ومنها الرجل الذي نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس خاتم الذهب والنساء اللواتي كن يتصدقن بما معهن من الحلي في سبيل الله تبارك وتعالى. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة الحادية عشرة 
بيع تذاكر السفر مرابحة 

صورة المعاملة: يرغب بعض الأشخاص أو المؤسسات بالحصول على تذاكر سفر بثمن مقسط من خلال المصارف الإسلامية على أساس المرابحة . 
الاستشارة الشرعية: إن التكييف الفقهي لشراء تذاكر السفر بشكل عام أنه شراء منفعة الركوب بالطائرة من مكان لآخر. فهو عقد اجارة بين شركة الطيران والمشتري للتذكرة على منفعة النقل جواً، فالمشتري للتذكرة يستأجر مقعداً بالطائرة ينتقل به إلى المكان المتفق عليه بينه وبين شركة الطيران. 
ونظراً لأن شركة الطيران لا تحدد طائرة معينة لنقل المشتري عليها، فإن بيع التذكرة يصبح عقد اجارة في الذمة، والاجارة الموصوفة في الذمة جائزة شرعاً. وبناء عليه فيجوز للمصارف الإسلامية شراء تذاكر السفر من شركات الطيران ثم بيعها مرابحة للراغبين بذلك. ويراعى في تنفيذ ذلك الضوابط الشرعية التالية: 
1- أن يتقدم الراغب بالحصول على تذكرة سفر مرابحة بطلب إلى المصرف الإسلامي يبين فيه نوع التذكرة التي يرغب في الحصول عليها. 
2- أن يقوم المصرف بشراء تذكرة السفر من شركة الطيران بثمن معين. 
3- أن يبيع المصرف التذكرة مرابحة للراغب بها بعد شرائها من شركة الطيران. 
4- أن يطلب المصرف من شركة الطيران اصدار التذكرة باسم الشخص الراغب بها وتسليمها له نيابة عن المصرف أو يقوم مندوب من المصرف باستلامها من شركة الطيران وتسليمها لمن صدرت باسمه. 
5- لا يجوز شرعاً أن يقوم الشخص أو المؤسسة بشراء التذكرة من شركة الطيران، ويطلب من المصرف الإسلامي دفع ثمنها نقداً لشركة الطيران بحيث يتم تسديد قيمتها بثمن مؤجل أكثر من ثمنها الذي دفعه المصرف. لأن ذلك قرض مشروط بزيادة بسبب الأجل وهو عين الربا المحرم. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الثانية عشرة 
عمولات وفوائد البنوك المراسلة 

صورة المعاملة: البنوك المراسلة: هي البنوك التي تكون في بلد المصدّر للبضائع التي يطلب تمويلها من المصارف الإسلامية على أساس الاعتمادات المستندية أو المرابحة الخارجية، فتقوم المصارف الإسلامية بفتح حسابات خارجية لدى تلك البنوك ( وغالباً ما تكون بنوكاً ربوية ) لتقوم بدورها بدفع ثمن البضائع الممولة من قبل المصارف الإسلامية مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها بين الفريقين. 
الاستشارة الشرعية: يجوز للمصارف الإسلامية أن تفتح حسابات جارية لدى البنوك الربوية المراسلة لحاجتها إلى ذلك لتنفيذ عمليات تمويل الاعتمادات المستندية والمرابحات الخارجية وفق الضوابط التالية: 
1- أن تكون المبالغ المالية المودعة في تلك الحسابات الجارية ضمن الحدود اللازمة لتغطية أثمان السلع قدر الامكان، حتى لا يستفيد البنك الربوي من الزائد منها لأن الإعانة على المعصية معصية.
2- أن يتم الاتفاق بين المصارف الإسلامية والبنوك المراسلة على المقابل المالي الذي يستحقه البنك المراسل بصفته وكيلاً عن المصرف الإسلامي في دفع الثمن واستلام مستندات الشحن. 
 3- أن ينص في الاتفاق بين الفريقين أن المصارف الإسلامية لا تتقاضى فوائد ربوية على المبالغ الزائدة في حساباتها الجارية لدى البنوك الربوية، ولا تدفع فائدة في حالة كشف الحساب، فلا يجوز للمصارف الإسلامية دفع الفوائد ولا أخذها لأنها الربا المحرم وما حرم أخذه حرم اعطاؤه.  ولا يجوز كذلك للمصارف الإسلامية مشاركة البنوك المراسلة في العمولات التي تتقاضها من المصدرين مقابل الاحتفاظ بمبالغ مالية معينة في الحسابات الجارية، لأن ذلك وسيلة وحيلة إلى أخذ الفائدة الربوية بطريقة غير مباشرة، ولأن الخدمة التي تقدمها البنوك الربوية المراسلة للمصدرين لا تشاركها فيها المصارف الإسلامية فلا يجوز لها أن تشاركها المقابل المالي لها. 
4- إذا لم يتفق الفريقان على عدم دفع الفوائد وأخذها، وقامت البنوك الربوية المراسلة بتقديم الفوائد على المبالغ المالية في حسابات المصارف الإسلامية، فيجب عليها سحب تلك الفوائد وصرفها في وجوه الخير، ولا يجوز للمصارف الإسلامية تسديد الفوائد المترتبة عليها بسبب كشف حساباتها في تلك المصارف من تلك الفوائد على أساس المقاصة بين الفائدتين. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الثالثة عشرة 
اعطاء عمولة لموظفي المبيعات في وكالات ومعارض بيع المركبات 

صورة المعاملة: في ظل التنافس الشديد في سوق بيع المركبات بين البنوك داخل الدولة الواحدة، ورغبة من بعض المصارف الإسلامية في تنمية مرابحات المركبات فإنها تقوم بإعطاء عمولة لموظفي المبيعات في وكالات ومعارض بيع المركبات، لتحفيزهم على توجيه الراغبين في شراء السيارات إلى التعامل مع تلك المصارف. 
الاستشارة الشرعية:الأصل في الجواز الشرعي لدفع أية عمولة أن تتحقق فيها الضوابط الشرعية التالية: 
1- أن تكون مقابلاً لخدمة فعلية. 
2- أن تكون الخدمة مباحة شرعاً. 
3- أن تكون تعويضاً عن نفقة مالية. 
4- أن تكون العمولة المدفوعة عادلة ليس فيها غبن يجعلها أقل مما يجب دفعه ولا محاباة تجعلها أكثر مما يجب أخذه، كأن يكون من تدفع له العمولة تربطه بموظفي المبيعات صداقة أو قرابة أو نحو ذلك. 
   وبناء عليه فيجوز وفق الضوابط السابقة للمصارف الإسلامية دفع عمولة لموظفي المبيعات في وكالات ومعارض بيع المركبات لأن العمولة التي ستدفع لهم إما أن تكون أجرة على منفعة مباحة وهي اقناع الراغبين في امتلاك مركبات أن يتعاملوا مع تلك المصارف، أو أن تكون من باب عقد الجعالة وهي الوعد بالجائزة مقابل عمل فيه مصلحة لمن يقدم الجعل ( المكافأة ). هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة الرابعة عشرة 
الاتفاق أو الاعلان عن مكافأة السداد المبكر 

صورة المعاملة: المراد بمكافأة السداد المبكر هو اسقاط الدائن لجزء من الدين المؤجل إذا قام المدين بالوفاء بكامل لدين قبل الأجل . 
الاستشارة الشرعية: لقد تقرر شرعاً ضمن القرارات الصادرة عن المجامع الفقهية جواز الاسقاط لجزء من الدين المؤجل إذا قام المدين بالوفاء بالدين قبل الأجل المتفق عليه لاستحقاق الدين سواء أكان ذلك بناء على طلب من الدائن أو المدين، ويشترط لجواز ذلك أن لا يتم الاتفاق مسبقاً بين المتعامل والبنك على مكافأة السداد المبكر، ولا يجوز أن ينص على ذلك كشرط أو التزام في العقود النمطية المعتمدة لصيغ الاستثمار في المصارف الإسلامية. 
   ويجوز للمصرف أن يعلن للمتعاملين بأنه اعتمد مبدأ الحطيطة من الدين الذي أقرته المجامع الفقهية وفق الضوابط الشرعية التالية:  
1- أن يحدد المصرف المقدار أو النسبة من الدين الذي سوف يقوم باسقاطه في حالة السداد المبكر، كالنصف أو الثلث مثلاً. 
2- أن يعلن بأن الحطيطة من الدين ليست ملزمة له فهي وعد غير ملزم للمصرف. 
3- أن يحدد مقدار المبلغ المخفض بعد قيام المدين بالوفاء رقماً. 
4- أن يكون الوفاء بالدين كاملاً وليس بجزء منه. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 




المعاملة الخامسة عشرة 
توقيع الآمر بالشراء على عقد المرابحة قبل شراء المصرف للسلعة 

صورة المعاملة: يقوم بعض الراغبين بالشراء مرابحة بالتوقيع على الوعد بالشراء وعقود المرابحة والكفالات قبل شراء المصرف للسلعة المطلوبة بسبب انشغال الآمر بالشراء أو سفره. 
الاستشارة الشرعية: يشترط لصحة بيع المرابحة واستحقاق الربح المترتب على ذلك أن يقوم المصرف بناء على طلب الآمر بالشراء بتملك السلعة ودخولها في ضمانه بموجب عقد بيع يبرم بين المصرف بصفته مشترياً ومالك السلعة بصفته بائعاً ثم بعد ذلك يبرم عقد مرابحة بين المصرف بصفته بائعاً وبين الآمر بالشراء بصفته مشترياً تنتقل بموجبه السلعة من ضمان المصرف إلى ضمان الآمر بالشراء. 
   وبناء عليه فإن توقيع عقد المرابحة قبل شراء المصرف للسلعة يجعل المعاملة باطلة شرعاً لما يلي: 
1- لأن توقيعه على عقد المرابحة لا يعد عقداً، لأن العقد لابد لانعقاده من ايجاب وقبول، فهو ايجاب من الآمر بالشراء لم يقابله قبول من المصرف فلا يترتب عليه أثر شرعي صحيح. 
2- لأن مندوب المصرف إذا قام بالتوقيع على هذا العقد قبل تملك المصرف للسلعة، فالعقد وإن كان مستوفياً لركنيه الايجاب والقبول فهو باطل شرعاً لأن المصرف يكون قد باع شيئاً قبل أن يتملكه. 
3- لأنه لم يتم الاتفاق بين الفريقين على المبيع أو الثمن وكيفية تسديده وهي شروط أساسية لصحة المرابحة. 
   والحل الشرعي في مثل هذه الحالة أن يوكل المتعامل غيره في تنفيذ المعاملة. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 



المعاملة السادسة عشرة 
بيع الشيء مرابحة ورهنه 
صورة المعاملة: تشترط بعض المصارف الإسلامية في شراء المركبات وبيعها مرابحة أن ترهن المركبة لصالح المصرف بالدين الذي في ذمة الآمر بالشراء نظراً لتأخر بعض العملاء عن أداء أقساط الدين في أوقاتها المتفق عليها، فهي تلجأ لهذا الاجراء كوسيلة لضمان مالها. 
الاستشارة الشرعية: يجوز للمصرف أن يشترط على الآمر بالشراء في بيع مرابحة المركبات رهن المركبة رهناً رسمياً لدى الجهات الحكومية المختصة بذلك، بحيث تكون المركبة تحت تصرف المشتري بعد استكمال شرائها من المصرف. ويكون حق المصرف بهذا الرهن منحصراً في ضمان استيفائه للدين في حالة عدم أداء المشتري للأقساط المتفق عليها في أوقات استحقاقها. 
   ويجب أن ينص في عقد المرابحة على الحالات التي يجوز فيها للمصرف بيع المركبة المرهونة، وأن المشتري هو الذي يتحمل رسوم الرهن، ورسوم فك الرهن. 
   وفي حالة قيام المصرف ببيع المركبة المرهونة فإنه يستوفي من الثمن ما يلي: 
1- باقي الثمن الذي لم يدفع المثبت في عقد بيع المرابحة. 
2- جميع النفقات الفعلية الإضافية التي تحملها المصرف لبيع المركبة، ويجب على المصرف أن يعيد مابقي بعد ذلك إلى المشتري. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 





المعاملة السابعة عشرة 
اشتراط المصارف الإسلامية البراءة من العيوب الخفية في بيع المركبات المستعملة مرابحة 
صورة المعاملة: تشترط بعض المصارف الإسلامية على الراغبين بشراء مركبات مستعملة مرابحة عدم مسؤوليتها عن العيوب الخفية التي قد تظهر فيما بعد، ولضمان ذلك فإن هذه المصارف تطلب من الآمر بالشراء التوقيع على عدم الرجوع على المصرف بالعيوب الخفية. 
الاستشارة الشرعية: إن بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي تتعامل به المصارف الإسلامية يتطلب تنفيذه عقدين، الأول: عقد بيع بين المصرف بصفته مشترياً ومالك السلعة بصفته بائعاً يملك بموجبه المصرف الإسلامي السلعة التي أمر بشرائها.  والعقد الثاني: بيع مرابحة بين المصرف الإسلامي بصفته بائعاً وبين الآمر بالشراء بصفته مشترياً. 
   ومن المقرر شرعاً عند جمهور الفقهاء أنه إذا ظهر في المبيع عيب فإن المشتري يكون مخيراً بين أن يمضي العقد بالثمن كاملاً أو يفسخ العقد ويسترد الثمن، إذا كان قد دفعه أو يعفى من أدائه إن لم يكن قد أداه، وعليه أن يرد المبيع إذا كان قد استلمه. 
   أما إذا اشترط البائع براءته من ضمان العيب (أي عدم مسؤوليته عما يمكن أن يظهر من عيوب خفية في المبيع) فرضي المشتري بهذا الشرط فيختلف الحكم تبعاً لكون البائع يعلم العيب أو لا يعلمه. 
   فيجوز للبائع شرط البراءة من ضمان العيوب التي لا يعلمها أما العيوب التي يعلمها فلا يبرأ البائع بهذا الشرط من ضمانها.  
   وبناء عليه: فيجوز للمصرف الإسلامي أن يشترط على الراغبين بشراء مركبات مستعملة مرابحة عدم مسؤوليته عن العيوب الخفية التي قد تظهر في المركبة ولا علم له بها، ويؤكد شرطه ذلك بموافقة الآمر بالشراء. 
   أما العيوب الخفية التي يعلمها وكتمها فإن شرط البراءة من ضمانها غير صحيح حتى لو قبل به الآمر بالشراء. 

   وإذا لم يشترط المصرف عدم مسؤوليته عن العيوب الخفية فوجد الآمر بالشراء بها عيباً خفياً فيثبت له حق رد المركبة إلى المصرف وفسخ العقد، وسترداد كامل الثمن، وليس للمصرف أن يحسب أية أرباح ليقتطعها من الثمن، لأن ضمان العيب الخفي على البائع وهو المصرف في هذه الحالة، ويثبت للمصرف حق اعادة المركبة إلى البائع الأول بسبب وجود ذلك العيب ويسترد منه كامل الثمن الذي دفعه له. 
   ولتلافي الوقوع في المخالفة الشرعية في مثل هذه الحالة فينبغي أن تشترط المصارف الإسلامية على الراغبين بشراء مركبات مستعملة مرابحة أن تفحص فحصاً فنياً دقيقاً عند المختصين بذلك، وأن ترفق نتيجة الفحص مع جملة الوثائق المطلوبة للموافقة على شراء المركبة ويقر الآمر بالشراء بأنه قام بفحص المركبة وأنه يعلم بما في نتيجة فحصها من عيوب، وأنه يوافق على شرائها من المصرف بعد تملكها من مالكها الأول بما هي عليه، وأن المصرف لا يتحمل مسؤولية أية عيوب قد تظهر في المركبة. 
   كما يجوز للمصرف أن يشترط في عقد البيع بينه وبين البائع الأول حوالة حق الضمان بالعيب للآمر بالشراء، فإذا ظهر بالمركبة عيب خفي فيقوم الآمر بالشراء برد المركبة مباشرة إلى بائعها الأول واسترداد الثمن. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة الثامنة عشرة 
تمويل المصرف السلع على أساس وكالة المرابحة
  
صورة المعاملة: يتقدم بعض الراغبين في الحصول على سلع معينة بطلب أو يبدي رغبته بأن يقوم المصرف بتمويل تلك السلع بصورة استثنائية على أساس توكيل الآمر بالشراء نفسه بشراء تلك السلعة أو توكيل غيره للاعتبارات التالية: 
1- أن يكون الآمر بالشراء هو الوكيل الحصري لتلك السلعة، ويعطى بسبب ذلك سعرا خاصاً،وتأجيلا في دفع  ثمن الشراء، لمدة معينة ولا يعطى للمصرف إذا باشر عملية الشراء. 
2- أن يشترط البائع المالك للسلعة دفع ثمنها نقداً وليس عن طريق الاعتمادات المستندية. 
3- الحالات التي لا يجوز فيها للمصرف مباشرة الشراء كالبيع بالمزاد العلني. 
 الاستشارة الشرعية: الأصل في جواز شراء المصرف للسلع مرابحة أن يقوم المصرف بشراء تلك السلع مباشرة من مالكيها بموجب عقد بيع بينهما. ثم يقوم ببيعها مرابحة للآمر بالشراء بموجب عقد مرابحة بينهما. 
   ويجوز أن يتولى عملية الشراء نيابة عن المصرف شخص أو مؤسسة على أساس الوكالة، فيقوم بكافة اجراءات الشراء من المعاينة للسلعة ودفع الثمن، وتسلم المبيع حقيقة أو حكماً. ويكون ذلك بموجب عقد بيع بين مالك السلعة ومندوب المصرف الإسلامي. 
   فإذا تحققت ملكية السلعة للمصرف من خلال من أنابهم بذلك جاز له أن يبيعها للآمر بالشراء بموجب عقد المرابحة. 
   أما توكيل المصرف الإسلامي للآمر بالشراء نفسه في شراء السلعة نيابة عنه ثم بيعها له بعد ذلك، فقد أجازت بعض الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية أن يوكل المصرف الآمر بالشراء في شراء السلعة التي يرغب بها على أساس أنه استثناء من الأصل تتطلبه بعض الحالات الخاصة التي تقدم ذكرها شريطة أن يتم ذلك وفق الضوابط الشرعية التالية: 
1- أن يتقدم الآمر بالشراء بطلب شراء، ويوقع مع المصرف وعداً بالشراء بعد ملك المصرف للسلعة ودخولها في ضمانه. 
2- أن يوكل المصرف الآمر بالشراء توكيلاً فعلياً مكتوباً بشراء تلك السلع تجنباً لصورية التوكيل. 
3- أن يتولى الآمر بالشراء شراء السلعة بصفته وكيلاً عن المصرف فيشتري السلعة للمصرف ويدفع ثمنها من مال المصرف، ويقبضها على ضمان المصرف وليس على ضمانه هو. 
4- أن يرسل اشعاراً بعد شرائها وقبضها إلى المصرف يعلمه فيه أن السلعة قد تم شراؤها وقبضها لصالح المصرف بصفته وكيلاً وأنه يرغب بتنفيذ الوعد بشراء السلعة 
5-أن يبرم المصرف عقد مرابحة مع الآمر بالشراء بصفته مشترياً تنتقل بموجبه السلعة المشتراة من ملكية المصرف إلى ملكية الآمر بالشراء بالقبض الحقيقي أو الحكمي. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة التاسعة عشرة 
قيام الآمر بالشراء ببعض الأعمال في بيع المرابحة التي يجب على المصرف القيام بها 

صورة المعاملة: يقوم بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية على أساس بيع المرابحة ببعض الأعمال التي ينبغي أن يقوم بها موظف من المصرف لتسريع تنفيذ المعاملة ومنها: 
1- فحص ومعاينة السلعة المراد شراؤها مرابحة. 
2- نقل عرض البيع من المالك للسلعة بصفته بائعاً إلى المصرف بصفته مشترياً. 
3- استكمال اجراءات نقل الملكية من البائع الأول المالك للمركبة إلى المصرف بصفته مشترياً. 
4- استكمال اجراءات نقل ملكية المركبة في الدوائر الرسمية من المصرف بصفته بائعاً إلى المتعامل بصفته مشترياً. 
5- تسليم الشيك الصادر من المصرف للبائع الأول كثمن المركبة أو البضاعة المشتراة. 
الاستشارة الشرعية: الصواب في الممارسة العملية لإجراءات بيع المرابحة في المصارف الإسلامية أن تقوم المصارف بتعيين موظفين لغايات تنفيذ الإجراءات التي تتطلبها معاملاتها ومنها المرابحة. 
    بحيث يتولى الموظفون كل ما يجب على المصرف عمله من الاجراءات بصفته مشترياً في عقد البيع الذي يعقد بين المصرف والمالك للسلعة، وبصفته بائعاً في عقد المرابحة بين المصرف والمتعامل معه. 
   إن قيام موظفي المصارف بذلك يكسب المصرف صفة البائع والمشتري حقيقة، ويجذر في المصرف صفة كونه تاجراً، وإن قيام الآمر بالشراء ببعض الأعمال التي يجب على المصرف القيام بها لا يؤثر في صحة ومشروعية المعاملة غالباً، لأن ما يقوم به من بعض الأعمال السابقة يكون فيها بحكم الوسيط أو الرسول بين طرفي العقد لغايات التسريع في التنفيذ، والتأكد من مواصفات السلعة المراد شراؤها وفي ذلك مصلحة محققة بالنسبة له. 
   ولا شك أن في الاعتماد على المتعامل مع المصرف في تنفيذ بعض الأعمال الواجبة على المصرف استغلال لحاجة المتعامل إلى التمويل واستعماله في التنفيذ تقصير فيما يجب على المصرف عمله، وهو أمر يسيء إلى مصداقية وسمعة المصارف الإسلامية ويجذر في طبيعة عمل المصرف أنه مجرد ممول لرأس المال. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة العشرون 
اضافة قيمة قسط التأمين الى قيمة السيارة في بيع المرابحة 

صورة المعاملة: لهذه المعاملة صورتان: الصورة الأولى: أن يطلب الآمر بالشراء من المصرف الإسلامي اضافة قيمة قسط تأمين المركبة المراد شراؤها مرابحة إلى جملة ثمنها ونسبة ذلك من الأرباح. 
الصورة الثانية: أن تكون المركبة المراد شراؤها مستوردة من خارج البلد الذي يعمل فيه المصرف، فيقوم المصرف بالتأمين عليها مع جملة المركبات والسلع المستوردة من قبله، ويضيف قيمة قسط تأمينها إلى جملة الثمن الذي سوف تباع به للآمر بالشراء. 
الاستشارة الشرعية: قبل بيان الحكم الشرعي للصورتين ينبغي التأكيد على أن شركات التأمين في أسواق التأمين نوعان، النوع الأول: الشركات التي تقدم أنواع التأمين ( ومنها تأمين المركبات ) على أساس عقد التأمين التجاري وتعرف بشركات التأمين التجاري.  النوع الثاني: الشركات التي تقدم أنواع التأمين ( ومنها تأمين المركبات ) على أساس عقد التأمين التعاوني وتعرف بشركات التأمين الإسلامية. 
   وقد استقر الأمر في حكم مشروعية التأمين لدى الشركات على أنه يحرم التأمين بجميع أنواعه لدى شركات التأمين التجاري، ويجوز التأمين بجميع أنواعه لدى شركات التأمين الإسلامية. 
   وبناء عليه فيجوز للمصرف أن يؤمن المركبة المستوردة من خارج البلاد لدى شركات التأمين الإسلامية، ويضيف قيمة قسط التأمين إلى جملة الثمن الذي سوف تباع به المركبة للآمر بالشراء لأن قيمة قسط التأمين يدخل شرعاً في جملة النفقات الإضافية التي يجوز اضافتها إلى الثمن في بيع المرابحة. (كما في الصورة الثانية). 
   ولا يجوز للمصرف أن يؤمن المركبة الممولة مرابحة من السوق المحلي وإضافة قسط التأمين إلى جملة الثمن في عقد المرابحة، لأن مسؤولية المصرف تنتهي بنقل ملكيتها إلى الآمر بالشراء، وإن قيام المصرف بالتأمين عليها بناء على طلب المتعامل لا يجوز إذا ترتب على ذلك إضافة قيمة قسط التأمين ونسبته من الأرباح لأنها ليست من النفقات اللازمة على المصرف بصفته بائعاً، فتؤول المعاملة إلى قرض بفائدة لأن المصرف قد دفع عن المتعامل قيمة قسط التأمين وأضاف إليه زيادة بمسمى ربح وهذا عين الربا المحرم. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الحادية والعشرون 
شراء شقة مرابحة بعد دفع المتعامل العربون لمالك الشقة 

صورة المعاملة: يقوم بعض الأشخاص  بدفع عربون لمالك الشقة التي يرغب بشرائها ويتقدم بطلب إلى المصرف يبين فيه رغبته، بأن يقوم المصرف بتمويل شراء هذه الشقة على أساس المرابحة.  
الاستشارة الشرعية: اذا تم شراء الشقة مباشرة من مالكها فيجوز شرعاً دفع العربون للمالك بعد عقد البيع، بحيث يحتسب من جملة الثمن في حالة استكمال التبايع بين دافع العربون والبائع المالك للشقة، وفي حالة نكول المشتري أو عجزه عن دفع باقي الثمن فإن العربون يكون من حق البائع، وقد صدر بهذا قرار خاص عن مجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي. 
   أما بخصوص تمويل المصرف لمثل هذه الشقة مرابحة بناء على طلب الآمر بالشراء، فيتم تنفيذ المعاملة بصورتين: 
الصورة الأولى: وتنفذ كما يلي:  
1- أن يعلم الآمر بالشراء المالك للشقة بأن المصرف قد وافق على شراء الشقة من مالكها ثم يبيعها له مرابحة، ويطلب من المالك اعادة العربون له ليدفعه إلى المصرف كثمن مقدم. 
2- أن يطلب الآمر بالشراء من المالك بأن يتقدم بعرض بيع الشقة للمصرف بالثمن الذي كان قد طلبه من الراغب بالشراء. 
3- يقوم المصرف بشراء الشقة من المالك بالثمن المبين في عرض البيع بموجب عقد بيع عرفي يبرم بين الفريقين، ولا يشترط تسجيل ذلك في الدوائر الرسمية للدولة. 
4- يبرم بعد ذلك المصرف عقد بيع مرابحة للشقة مع الآمر بالشراء وفق ما تم الاتفاق عليه بينهما في طلب الشراء ووعد الشراء الموقع مسبقاً بينهما. 
5- يصدر المصرف خطاباً للمالك يلتزم فيه بدفع ثمن الشقة بعد قيامه بنقل ملكيتها في الدوائر الرسمية من اسمه إلى اسم الآمر بالشراء. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الثانية والعشرون 
توقيع الكفيل على عقد المرابحة قبل إبرام عقد المرابحة
  
صورة المعاملة: يشترط  المصرف لتمويل المرابحة أحياناكفالة الآمر بالشراء من قبل شخص أو أشخاص كفالة تضامنية بالدين الذي سيترتب عليه بموجب عقد المرابحة، فيقوم الكفيل أو الكفلاء أحياناً بتحرير الكفالة ( التوقيع على عقد المرابحة ) قبل ابرام عقد المرابحة.  
الاستشارة الشرعية: يجوز للمصرف أن يشترط على الآمر بالشراء تقديم كفيل أو أكثر لضمان مديونيته عليه، وتصح كفالة ما ليس معلوماً من الديون كما تصح كفالة الديون التي ستثبت في ذمة المدين مستقبلاً قبل وجوبها، وبناء عليه فيجوز توقيع الكفيل أو الكفلاء على عقد المرابحة بصفة الكفالة قبل ابرام عقد المرابحة. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة الثالثة والعشرون 
اشتراط المصارف الإسلامية التأمين الشامل على المركبات المباعة مرابحة 

صورة المعاملة: تشترط بعض المصارف الإسلامية على الراغبين بشراء مركبات مرابحة أن يؤمنها تأميناً شاملاً لصالح المصرف . 
الاستشارة الشرعية: يجوز للمصارف الإسلامية أن تشترط على الراغبين بشراء مركبات مرابحة أن تؤمن تلك المركبات تأميناً شاملا لضمان الدين لدى إحدى شركات التأمين الإسلامية. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 


المعاملة الرابعة والعشرون 
شراء المصرف للمركبات والعقارات التي سيبيعها مرابحة دون نقل الملكية بالدوائر الرسمية 

صورة المعاملة: تقوم بعض المصارف الإسلامية بتملك المركبات والعقارات من مالكيها بناء على رغبة الأشخاص الذين سيشترونها مرابحة من قبل المصرف ويتم ذلك من خلال عقود بيع بين المالكين والمصارف من غير أن تسجل تلك العقود في الدوائر الرسمية تلافياً لدفع رسوم التسجيل مرتين والتي سوف يتحملها الآمر بالشراء. 
الاستشارة الشرعية: يشترط لصحة بيع المصارف الإسلامية للسلع التي يشترط أن تسجل عقود نقل ملكيتها في الدوائر الرسمية ما يلي: 
1- أن يتم شراء المصرف لتلك السلع من المالكين لها بعقود بيع شرعية سواء أكانت لفظية أو كتابية ولا يشترط أن تسجل تلك العقود لدى الدوائر الرسمية لأن العقود العرفية تنقل الملكية. 
   فإذا تم التعاقد بين البائع والمصرف فإن السلعة سواء أكانت عقاراً أو مالاً منقولاً كالمركبات تصبح ملكاً للمصرف ومن ملك شيئاً ملك التصرف به شرعاً. 
2- أن يقوم المصرف ببيع السلع التي اشتراها للآمر بالشراء بموجب عقد بيع مرابحة يوقع بينهما بحيث تنتقل الملكية شرعاً من المصرف إلى الآمر بالشراء لأن المبيع أصبح مملوكاً للمصرف بناء على تمكين البائع للمصرف من التصرف فيه وهو ما يعرف بقبض التخلية أو القبض الحكمي ( أي أن البائع خلا بين المصرف والمبيع ولم يمنعه من التصرف فيه ). 
ولضمان حق الآمر بالشراء يقوم المصرف بعد ذلك بتوكيل البائع بنقل ملكية المبيع من البائع إلى الآمر بالشراء في الدوائر الرسمية. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 



المعاملة الخامسة والعشرون 
دفع البائع المالك للعقار أو المركبة مقدم الثمن ورسوم التسجيل عن الآمر بالشراء 

صورة المعاملة: تشترط المصارف الإسلامية غالباً في بيوع المرابحة على الراغبين في شراء العقارات أو المركبات مرابحة أن يدفعوا مبلغاً معيناً كمقدم من الثمن. 
   وقد لا يتوفر هذا المبلغ مع الآمر، فيقوم المالك للعقار أو المركبة بدفع هذا المبلغ عن الآمر بالشراء لرغبة المالك في بيع سلعته. ويتم احتساب ذلك من جملة الثمن المقدم للمصرف في عرض البيع. 
الاستشارة الشرعية: الأصل في جواز المرابحة أن يتم التعاقد أولاً بين المالك للسلعة بصفته بائعاً والمصرف بصفته مشترياً وبالثمن الذي يتم الاتفاق عليه بينهما، حتى يتملك المصرف السلعة ويجوز له بيعها. 
   فإذا تم البيع بين المصرف والمالك وتملك المصرف السلعة، يتم عقد بيع مرابحة بين المصرف بصفته بائعاً والآمر بالشراء بصفته مشترياً وبالشروط التي يتم الاتفاق عليها بين الفريقين والتي من أهمها العلم بالثمن، والربح. 
   وفي حالة اشتراط المصرف دفعة مقدمة من الثمن فالأصل أن يدفعها الآمر بالشراء عن نفسه مباشرة ويجوز أن يدفعها عنه المالك الأول للسلعة على أساس أنها قرض حسن. ويتم استيفاؤها من الآمر بالشراء بإضافتها إلى جملة الثمن المقدم للمصرف في عرض البيع، حيث يقوم المصرف بدفع كامل الثمن للمالك بصفته بائعاً. وليس في ذلك محظور شرعي لأن المصرف لا يأخذ ربحاً على الثمن المقدم، فلا يترتب على المبلغ الذي دفعه المالك للسلعة عن الآمر بالشراء كثمن مقدم أية زيادة في الأرباح فتكون المعاملة خالية من الربا. هذا والله تبارك وتعالى أعلم 

المعاملة السادسة والعشرون 
المرابحة العكسية 

صورة المعاملة: تلجأ بعض المصارف الإسلامية بقصد الحصول على السيولة النقدية من أصحاب الأموال لغايات الاستثمار وتحقيق المكاسب الربحية من طرح هذا المنتج، بحيث يكون فيه المصرف الطرف الآمر بالشراء، والمتعامل صاحب المال هو الممول لسلعة من سوق السلع العالمي (بورصة السلع)، لذلك سميت بالمرابحة العكسية أو التورق العكسي. 
   ويتم تنفيذ المعاملة وفق الخطوات التالية: 
1- يعلن المصرف عن أسلوب جديد للاستثمار يكون فيه الربح مضموناً ومحدداً ابتداءاً، لتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار من خلال هذا المنتج. 
2- يظهر المصرف في المنتج بصورة آمر أو راغب بالشراء لسلعة من سوق السلع العالمية، التي يكون فيها البيع والشراء إلكترونياً من خلال وسطاء معينين، وهو ما يعرف ببورصة السلع العالمية، وأهم السلع التي تعرض فيه: البترول، والفحم، والنحاس، والألمنيوم، والسكر، والرز، وزيت النخيل ونحو ذلك. 
3- يظهر في هذا المنتج المتعامل صاحب المال بصورة الطرف الممول للمصرف (البائع). 
4- يعد المصرف المتعامل وعداً لازماً بشراء السلعة التي سوف يقوم المتعامل بدفع ثمنها. 
5- يقوم المصرف بشراء السلعة من سوق السلع نيابة عن المتعامل بصفته وكيلاً عنه، ويتوكل عنه في دفع الثمن. 
6- يظهر المبيع (السلعة) بصورة قيد محاسبي وباسم المصرف لأنه هو الذي قام بالشراء ودفع الثمن. 
7- يعلم المصرف بعد ذلك المتعامل بأن السلعة قد تم شراؤها، وأن المصرف يرغب بشرائها لنفسه تنفيذاً للوعد الذي قطعه على نفسه، ويبعث بذلك إشعاراً للمتعامل. 
8- يوافق المتعامل على بيع السلعة بصفته مالكاً لها، والتي اشتريت له على أساس وكالة المصرف عنه بموجب إشعار خطي، وبذلك تصبح السلعة ملكاً للمصرف. 
9- يترتب على البيع حصول المتعامل على النسبة المئوية المحددة ابتداءاً، كعائد على المبالغ التي قدمها للمصرف كثمن للسلعة. 
10- يقوم المصرف بإعادة بيع تلك السلعة في سوق السلع ثانية بقصد الحصول على قيمتها، فيتحقق له ما كان يسعى إليه وهو السيولة النقدية. 
11- يقوم المصرف باستخدام السيولة النقدية في استثمارات أخرى تحقق له عائداً أعلى من العائد الذي دفعه للمتعامل صاحب المال. 
الاستشارة الشرعية: إن المرابحة العكسية بصورتها المبينة هي الوسيلة التي تقلد فيها بعض المصارف الإسلامية البنوك الربوية للإقتراض بالفائدة، أو ما يعرف بالودائع النقدية، فهي ودائع نقدية بفوائد ربوية بتسميات واصطلاحات إسلامية، فهي صورة من صور الربا المحرم ألبستها تلك المصارف جلباباً وحجاباً لتسوقها على أنها منتجات مصرفية إسلامية. 
   وإن تنفيذ هذه المعاملة يتطلب الدخول في التورق المصرفي المنظم كما هو مبين، وقد صدر في منعه وحرمته قراران عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وبناء عليه فإن مثل هذه المعاملة باطلة شرعاً، لأنها حيلة على الاقتراض بالفائدة وهو صورة من صور الربا المحرم. هذا والله تبارك وتعالى أعلم