أحكام المساجد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.

المباحات

 1-يجوز ذهاب النساء إلى المساجد إذا لم يترتب على ذهابهن محذور شرعي كالاختلاط بالرجال أو فتنة الرجال بهن لجمالهن ونحو ذلك. وصلاتهن في بيوتهن أفضل. قال رسول الله ﷺ: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن))(1)

(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات)(٢).(أي: غير متزينات ومتطيبات). (إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تمس طيبا)(3)

2– يجوز الاستلقاء والنوم في المسجد، لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان وهو أعزب ينام في مسجد النبي ﷺ(4)، وكان أصحاب الصفة ينامون في المسجد (وهم جماعة من فقراء المهاجرين كانوا يقيمون في مسجد رسول الله ﷺ ) أما جواز الاستلقاء في المسجد فدليله فعل النبي . فعن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه أنه ((رأى رسول الله ﷺ مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى))(5).

3- يجوز التحدث بالكلام المباح في المساجد ولو ترتب على ذلك ضحك. لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:( (كان رسول الله ﷺ لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام. وقال (أي جابر): كانوا (أي الصحابة) يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم)) (6).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أخرجه الشيخان والترمذي، انظر: التاج الجامع للإصول 1 / 241.

(٢) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير حديث رقم/ 7457.

(٣) أخرجه البزار بسند حسن، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث/ ٦٣٤.

(4) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم/ ٧٤٥٨.

(5) أخرجه البخاري والترمذي، انظر: التاج الجامع للأصول ١/ ٢٣٩.

(6) أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود، انظر: التاج الجامع للأصول ١/ ٢٣٩.

4-لا بأس بإنشاد الشعر إذا كان مدحا للنبيﷺأو الإسلام أوفي مكارم الأخلاق والكلام المباح لأن حسان بن ثابت رضي الله عنه كان يفعل ذلك في المسجد وبحضرة النبي الكريم ﷺ. أما ما كان فيه شيء مذموم كهجاء مسلم أو مدح ظالم أو افتخار منهي عنه ونحو ذلك فحرام، لأن النبي ((نهى عن تناشد الأشعار في المسجد))(1)

5- لا بأس بالأكل والشرب ووضع  المائدة في المسجد بشرط أن لا يترتب على ذلك تلويثه.

6- يجوز إغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لصيانته أو المحافظة على أثاثه وأجهزته، فإذا لم يخف من فتحها مفسدة ولا انتهاك لحرمتها وكان في فتحها رفق بالناس، فالسنة فتحها. وخير شاهد على ذلك أن مسجد رسول الله ﷺ لم يغلق في زمنه ولا بعده.

7- يجوز للمحدث (فاقد الوضوء) الجلوس في المسجد سواء أكان لغرض شرعي كالاعتكاف وسماع القرآن أم لغير غرض ولا كراهة في ذلك.

8- يجوز للكافر دخول جميع المساجد غير المسجد الحرام وحرم مكة ، ويستدل على ذلك بأن النبي الكريم ﷺ كان يستقبل الوفود غير المسلمة في المسجد، وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ ((بعث خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد))(2) .

9-يجوزللحائض والنفساء الدخول إلى المسجد واللبث فيه إذا لم تلوثه أو تخشى من تلويثه.

لأن خبر ((فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) خبر ضعيف(3)، لا يصلح مستندا لتحريم دخولهما المسجد ولبثهما فيه.

وفي هذا تيسير على الحجاج والمعتمرين الذين يذهبون برفقة أزواجهم او محارمهم .فلا بأس إن كانت إحداهن  حائض أو نفساء أن تتحفظ وتدخل المسجد وتمكث فيه بنية الاعتكاف والتسبيح سواء أكانت في المدينة المنورة أو مكة المكرمة. والله تبارك وتعالى أعلم.

10- يجوز بناء المسجد في موضع كان كنيسة أو مقبرة درست ( تحللت الجثث التي دفنت فيها لطول الزمن) لأن مسجد النبي الكريم ﷺ بني في مكان كان مقبرة للمشركين فنبشت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أخرجه الترمذي والنسائي بسند حسن، انظر: التاج الجامع للأصول ١/241.

(2) أخرجه الإمام أحمد ومسلم، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم/ 4747.

(3) انظر: التاج الجامع للأصول 1/121.

 

المكروهات

1- يكره دخول الصبيان الذين لا يميزون والمجانين المسجد لأنه لا يؤمن تلويثهم له. فإن وثق بعدم تلويثهم للمسجد فلا بأس بدخولهم. لأن النبي ﷺ كان يصلي حاملا أمامة بنت زينب رضي الله عنها(1).

2- يكره أن يبنى على القبر مسجد، لقوله ﷺ : ((قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))(2)

         3- تكره الكتابة على جدران المساجد وسقوفها وتتأكد الكراهة إذا كانت الكتابة على الجدار في جهة القبلة لأنها تشغل المصلي، وتكره زخرفة المساجد أيضا لأنها تشغل المصلي عن صلاته. لقوله ﷺ: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد))(3) .

المحرمات

1- يحرم على الجنب المكث في المسجد، لقوله تبارك وتعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰحَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [ النساء :43 ].

ويجوز له الدخول من غير مكث. ولو احتلم في المسجد وجب عليه الخروج إلا أن يعجر عن الخروج بسبب إغلاق المسجد أو خوفه على نفسه أو ماله إذا خرج، فعندئذ يجوز له أن يقيم للضرورة.

2- يحرم أخذ شيء من أجزاء المسجد كحجر وحصاة وتراب وغيره. ومثله أيضا كل ما وقف عليه كالمصاحف والكتب والأثاث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الشيخان. انظر: نيل الأوطار ٢/ ٣٤٢.

(2) متفق عليه، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم /٤٢٩٠.

(3) أخرجه الإمام أحمد وابن حبان بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث رقم /7421.