حكم صلاة الاستسقاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأناموعلى آله وصحبه الكرام

صلاة الاستسقاء سنة ، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة وبالدعاء . وتشرع اذا أجدبت الأرض وانقطع الغيث.

 والسنة أن تكون في المصلى لأن الجمع يكثر فكان المصلى أرفق بهم .

والاستسقاء أنواع:

أحدها : الدعاء بلا صلاة ولا خلف صلاة ؛ فرادى ومجتمعين  في المسجد أو غيره ، وأحسنه ما كان من أهل الخير .

الثاني : الدعاء في خطبة الجمعة وخلف صلاة الجمعة أو غيرها من الصلوات.

الثالث : صلاة ركعتين يدعو فيهما بعد الرفع من ركوع الثانية لما روى عباد بن تميم عن عمه قال : (( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فصلى ركعتين جهر بالقراءة فيهما وحول رداءه ورفع يديه واستسقى )).

الرابع : الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين وتأهب لها قبل ذلك ،لما روى عبدالله بن زيد قال (( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة ، ثم صلى ركعتين )) رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، نيل الأوطار4\11.

 وعن عائشة رضي الله عنها قالت (( شكا الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى ، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس ، فقعد على المنبر وذكرت الخطبة والدعاء ، وأنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض ابطيه ثم حول الى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين ))رواه أبو داود بإسناد جيد ، نيل الأوطار4\3.

ويستسقى بالخيار من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عمر رضي الله عنه استسقى بالعباس وقال : (( اللهم إنا كنا اذا قحطنا توسلنا اليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل اليك اليوم بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون )) .

ويستسقى بالشيوخ والصبيان لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لولا صبيان رضع وبهائم رتع وعباد لله ركع لصب عليهم العذاب صباً )).

والمستحب أن يتنظف للاستسقاء بغسل وسواك لأنها صلاة يسن لها الاجتماع والخطبة فشرع لها الغسل كصلاة الجمعة ، ولا يستحب أن يتطيب لها لأن الطيب للزينة ، وليس هذا وقت الزينة ويخرج متواضعاً متبذلاً ، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متخشعاً متضرعاً )) .

ولا يؤذن لها ولا يقيم ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال (( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا اذان ولا إقامة ثم خطبنا )) رواه أحمد وابن ماجة، نيل الأوطار4\4.

والمستحب أن ينادى لها ( الصلاة جامعة ) لأنها صلاة يشرع لها الاجتماع والخطبة ولا يسن لها الأذان والإقامة ، فيسن لها ( الصلاة جامعة ) كصلاة الكسوف  .

وصفة هذه الصلاة أن ينوي صلاة الاستسقاء ويكبر ركعتين مثل صلاة العيد ، فيأتي بعد تكبيرة الإحرام بدعاء الاستفتاح ، ثم يكبر سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات زائدة ثم يتعوذ ثم يقرأ الفاتحة ويذكر الله تعالى بين كل تكبيرتين من السبع والخمس الزوائد كما  في صلاة العيد ، ويرفع يديه حذو منكبيه مع كل تكبيرة ويجهر بالقراءة ويقرأ فيهما ما يقرأ في العيد .

والسنة أن يخطب لها بعد الصلاة ، والمستحب أن يدعو في الخطبة الأولى فيقول : (( اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً ، هنيئأ مريئاً ، مريعاً غدقا ، مجللاً طبقا سحاً عاماً دائماً اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم ان بالعباد والبلاد من اللاواء والجهد والضنك مالا نشكو الا اليك ، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى واكشف عنا ( من البلاء ) مالا يكشفه غيرك ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً .

والمستحب أن يستقبل القبلة في أثناء الخطبة الثانية ويحول ماعلى الأيمن الى الأيسر ، وما على الأيسر الى الأيمن ، لما روى عبدالله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((خرج الى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة ودعا وحول رداءه وجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ))   رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، نيل الأوطار4\11

فان كان الرداء مربعاً نكسه فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه ، وان كان مدوراً اقتصر على التحويل ، لما روى عبدالله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم (( استسقى وعليه خميصة له سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها ، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه )) . رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، نيل الأوطار4\11

ويستحب للناس أن يفعلوا مثل ذلك لما روى في حديث عبدالله بن زيد (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول رداءه وقلبه ظهرا لبطن وحول الناس معه )) .

ويستحب ان يرفع اليد في الدعاء ، لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء الا عند الاستسقاء ، فانه كان يرفع يديه حتى يرى بياض ابطيه )) .  متفق عليه، نيل الأوطار4\8

ويستحب أن يكثر من الاستغفار ومن قوله تعالى : ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ، يرسل السماء عليكم مدراراً ) لما روى الشعبي ان عمر رضي الله عنه خرج يستسقي فصعد المنبر فقال : ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ، يرسل السماء عليكم مدراراً ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ثم نزل فقيل له يا أمير المؤمنين لو استسقيت ؟ فقال طلبت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر )) ) .

ويستحب أن يخطب بعد صلاة الاستسقاء خطبتين أركانهما وشروطهما وهيئاتهما كما في صلاة العيد  ، ولكن يستحب أن يبدل التكبيرات المشروعة في اول خطبتي العيد بالاستغفار ، فيستغفر الله تعالى في افتتاح الأولى تسع مرات ، وفي الثانية سبعاً ولا يكبر : يقول (( أستغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم وأتوب اليه )) ويختم كلامه بالاستغفار ويكثر منه في الخطبة ومن قوله تعالى ( استغفروا ربكم انه كان غفارا ) ويجوز أن يكبر في افتتاح الخطبة كما في خطبة العيد  .

ويستحب أن يكون في الخطبة الأولى وصدر الثانية مستقبل الناس مستدبر القبلة ، ثم مستقبل القبلة في الخطبة الثانية، ويبالغ في الدعاء سراً وجهراً وإذا أسر دعا الناس سراً ، وإذا جهر أمنوا ، ويرفعون كلهم أيديهم في الدعاء .

ويخطب للاستسقاء بعد الصلاة ، فلو خطب قبلها صحت خطبته .

 والله تبارك وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين.