هدي الإسلام
في المحافظة على جمال الأجسام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد
الطاهر الأمين.
إن الاعتناء
بحسن المظهر أمر يحبه الله ورسوله. فقد ندب الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين إلى
التجمل عموما وأثناء ادائهم للعبادة خصوصا بأن يلبسوا أحسن الثياب وأطهرها عند كل
صلاة أو طواف. فقال: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾
، ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ
وَرِيشًا﴾ .
فاللباس أحد أفراد النعم الكثيرة التي أنعم الله تبارك وتعالى بها على
عباده وهو ضربان: الأول: لستر العورة ووقاية الجسم من الحر والبرد.
والثاني: للتزين والتجمل فهو لجسم الإنسان كالريش الخارجي الملون لجسم
الطائر. فكما أن الريش الخارجي يزين الطائر ويزيده جمالا فإن اللباس الجميل يزيد
الجسم حسنا وجمالا فينبغي التجمل به.لأن الله يحب أن يرى أتر نعمته على عباده.
وقد ترجم رسولنا الكريم ﷺ هذه التوجيهات القرآنية إلى واقع عملي على نفسه
والمسلمين؛
أما عنايته بحسن مظهره ﷺ فكان شديد الحرص على جمال منظره، وطيب رائحته.
فكان عليه الصلاة والسلام يلبس أجمل اللباس وأكمله وخاصة الأبيض منه، وله
لباس خاص لاستقبال الوفود ويسرح شعره ويعتني به .و يحب الطيب كواحد من ثلاثة أشياء
حببت إليه من زينة الدنيا، فكان يستعمله بحيث إذا مشى في طريق انتشرت الرائحة
الزكية في جوانبه لجمال رائحته وقوتها.
أما توجيهاته النبوية لأمته في هذا الشأن فتركزت على ضرورة الاعتناء
بجمال منظر الرأس، الثوب، ونظافة النعل، وطيب الرائحة.
أما جمال منظر الرأس فقد رأى عليه الصلاة والسلام رجلا شعثا ـ متفرق شعر
الرأس - فقال: (( أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (( من كان له شعر فليكرمه )).
وعن عطاء بن يسار قال: (( أتى رجل النبي ﷺ ثائر الرأس واللحية فأشار إليه
رسول الله ﷺ كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته ففعل تم رجع فقال ﷺ : أليس هذا خيرا من
أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان)) .
وأما حسن الثياب وطيب الرائحة فقد ندب عليه الصلاة والسلام إلى لبس
الثياب النظيفة الجميلة والتطيب وخاصة عند اجتماع المسلمين وأعيادهم فقال عليه
الصلاة والسلام في معرض الحث على التجمل يوم الجمعة:(لا يغتسل رجل يوم الجمعة
ويتطهر ما استطاع من الطهر ويدهن من دهنه (أي يطلي به الشعر عند تسريحه) ويمس من
طيب بيته تم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام
إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى(
وقال عليه الصلاة والسلام:(( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من
كبر قيل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال: إن الله جميل يحب
الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس))
وجاء رجل إلى النبي ﷺ وهو يلبس ثوبا رديئا فقال له النبي ﷺ: ((ألك مال؟
فقال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال : فإذا
آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته)).
وأهم الآثار المترتبة على الاهتمام بالنظافة والجمال:
١- تجديد
النشاط والشعور بالحيوية. فبمقدار ما يهتم الإنسان بنظافة جسمه و جماله يشعر دائما
بالقوة والحيوية والنشاط، والعكس صحيح فإن عدم الاعتناء بنظافة الجسم وجماله يورث
الكسل والضعف والهزل. وبالمثال يتضح المقال: فالشعو النفسي الذي يتمتع به إنسان
شديد الاعتناء بنظافة جسمه بالاغتسال وإزالة الأقذار واستعمال الطيب والتأنق
والتألق باللباس وتهذيب الشعر وترجيله ونحو ذلك. يختلف تماما عن إنسان لا يهتم من
ذلك بشيء. وقد أثر عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله : (( من نظف ثوبه قل همّه،
ومن طاب ريحه زاد عقله )).
٢- المحافظة
على صحة الجسم وسلامته. إن غسل الأعضاء الظاهرة المتعرضة للغبار والأتربة
والجراثيم يوميا وكذلك غسل الجسم في أحيان متكررة وقص الأظافر، وتنظيف الفم
والأنف، والختان وغير ذلك من وسائل العناية بالجسم تؤدي بمشيئة الله تبارك وتعالى
إلى حماية الإنسان من كثير من الأمراض الوبائية الناتجة عن ضعف الاهتمام بالنظافة.
وقد ثبت طبياً أن أنجع علاج وقائي للأمراض الوبائية هو النظافة. ولا شك
أن الوقاية خير من العلاج.
٣- تحقيق كمال
الشخصية. إن كمال شخصية الإنسان بحسن جوهره ومظهره فحسن المظهر شطر الكمال في
الشخصية فينبغي الاعتناء به والحرص عليه حتى لا يستصغره الآخرون، ويستقذروه.
فالنفوس البشرية بطبيعتها تألف الإنسان الجميل في مظهره، وتنفر من القذر
وسيء المظهر.فبمقدار ما يعتني الإنسان بحسن مظهره بالإضافة إلى جمال جوهره يكون
محبوبا مألوفا عند الآخرين، وبمقدار ما يكون مقصرا في ذلك يكون مستصغرامستقذرا.
والمؤمن يألف ويؤلف فينبغي أن يحرص على جميع الأسباب التي تحفظ عليه هيبته ووقاره،
وتكسبه احترام الآخرين ومحبتهم.
والله تبارك وتعالى أعلم ،والحمد لله رب العالمين