مكانة الزكاة في الإسلام
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.
الزكاة ركن من أركان
الإسلام، فرضت في السنة الثانية من الهجرة، قبل فرض رمضان، وهي واجبة بكتاب الله
تبارك وتعالى، وسنة رسوله ﷺ.
أما من الكتاب: فقوله
سبحانه وتعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ
سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[ التوبة : ١٠٣].
وأما من السنة: فقوله ﷺ:
((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وإقام
الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان))(1)
وبعث النبي ﷺمعاذا إلى
اليمن، فقال: ((أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم))(٢).
حكم منكر الزكاة :
من أنكر فرضية الزكاة كفر
وارتد، ، وتجري عليه أحكام المرتدين،ومن أنكر وجوبها جهلا، لحداثة عهدهبالإسلام أو
لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار، فلا يحكم بكفره لأنه معذور. وتقاتل الجماعة
المانعة للزكاة جحودا، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في عهد الخليفة أبي بكر
الصديق رضي الله عنه، حيث قال: (( واللهلأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن
الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا
كانوا يؤدونها لرسول اللهﷺ لقاتلتهم على
منعه))(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) متفق عليه، انظر:
صحيح الجامع الصغير ، حديث رقم / ٢٨٤٠.
(٢) أخرجه الشيخان
والترمذي والنسائي وأبو داود، انظر: التاج الجامع للأصول ٢/ ٤.
(٣)
أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود. انظر : التاج الجامع للأصول، 2/8.
حكمة مشروعية الزكاة:
شرعت الزكاة تطهيرا للنفس
من الشح والبخل ، وتعويدا للمؤمن على البذل والعطاء . وعونا للفقراء والمحتاجين،
وصيانة وتحتصيناً للمال .
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَتَبَوَّءُوا
الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا
يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[ الحشر: ٤٩ ].
وروي عنه ﷺ أنه قال: ((حصّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم
بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء ))(1).
فضائل الزكاة :
إن اخراج الزكاة امتثالا
لأمر الله تبارك وتعالى واتباعا لهدي رسوله الكريمﷺ يكسب المزكي محبة الله تبارك
وتعالى ورضوانه ويكون سبباً لدخول جناته .
لقوله ﷺ : ((ما من عبد
يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له
أبواب الجنة فقيل له : ادخل بسلام))(2).
كما أن إخراج الزكاة يؤدي
إلى المباركة في المال وتحصينه من المهلكات.
قال رسول الله ﷺ : ((
ثلاثة أقسم عليهن: ما نقص مال عبد منصدقة. . . الحديث ))(3).
وروي عنه عليه الصلاة
والسلام أنه قال: (( حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء
الدعاء ))(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1،4) أخرجه الطبراني،
انظر: الجامع الصغير للسيوطي 1/148..
(٢)
أخرجه النسائي، انظر: التاج الجامع للأصول 2/6.
(3)أخرجه
الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح. انظر: صحيح الجامع الصغير، حديث/ ٣٠٢٤.
عقوبات مانع الزكاة:
يعاقبمانع الزكاة في
الدنيا. أما العقاب الدنيوي للفرد بأخذها منه،
وشطر ماله قهرا عنه، تعزيراً وتغريماً . قال رسول الله ﷺ ((من أعطاها
مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله، عزمة من عزمات ربنا تبارك
وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء))(1)
ويعذب في الآخرةفي نار
جهنم، لقوله تبارك وتعالى:﴿ يَوْمَيُحْمَىٰ عَلَيْهَا
فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ
هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [ التوبة: ٣٥ ].
ولقوله ﷺ ((من آتاه الله
مالا فلم يؤد زكاته، مثّل له شجاعا أقرع يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه (يعني
شدقيه)، ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك ثم تلا :﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ
هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ
وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ ﴾ [
عمران: ١٨٠].
وفي رواية: ((ما من صاحب
ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار، فأحمى
عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان
مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى
النار))(٢).
هذا وبالله التوفيق والحمد
لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه الإمام أحمد
وأبو داود والنسائي. انظر: نيل الأوطار ٤/ ١٢١.
(٢)
أخرجه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود، انظر: صحيح الجامع الصغير ، حديث ر قم/ 5729 .