حكم سلفة القوات المسلحة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.

إن التكييف الفقهي للسلفة بوضعها الحالي أنها قرض بزيادة مشروطة وهي اخذ الجهة المقرضة 5 % من قيمة القرض من المقترض بمسمى مصاريف ادارية .

وقد اتفق فقهاء الشريعة الاسلامية سابقا ولاحقا على انه لا يجوز للمقرض ان ينتفع بشيء من اموال المقترض اذا كان الانتفاع مشروطا.

واستدلوا على ذلك بما يلي :

أ_ ما روي عن جمع من الصحابة كعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وابن عباس وابي بن كعب رضي الله عنهم انهم نهوا عن قرض جر منفعة .

ب_ ما رواه الامام مالك رحمه الله في موطأ عن ابي مسعود رضي الله عنه انه كان يقول : " من اسلف سلفا فلا يشترط افضل منه وان كانت قبضة من علف فهو ربا ".

ج_ أن القرض عقد ارفاق وقربة فاذا شرط فيه منفعة للمقرض كان الشرط باطلا ومنع صحته .

وبناء على ما تقدم يتقرر ما يلي :

1 _ أن عقد القرض عقد قربة وارفاق غايته اعانة المقترض المحتاج ،ويبتغي منه المقرض الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى وليس الاسترباح .

2 _ أن راس المال في عقد القرض لا يغنم ولا يغرم , فالغنم فيه ربا , والغرم فيه يؤخذ من المقترض .

3 _ أن عقد القرض ما كان ولن يكون سبيلا مشروعا لتنمية واستثمار الاموال وتحقيق الارباح في الشريعة الاسلامية .

4 _ ان كل زيادة مشروطة على راس المال في عقد القرض هي الربا محرم شرعا , سواء اخذت الزيادة من اصل راس المال او من الراتب الشهري التالي لتاريخ القرض فالنتيجة واحدة , فكلا الحالتين زيادة مشروطة في عقد القرض .

فالتفريق بين كون الزيادة المدفوعة من اصل راس المال او من اي مصدر مالي اخر للمقترض لا يقدم ولا يؤخر في حكم المعاملة فتبقى على اصل الحرمة .

5 _ أن اعادة الزيادة المشروطة بعد استكمال تسديد اقساط السلفة الى المقترض لا يخرج المعاملة عن كونها قرضا جر نفغا , لأن الزيادة التي تعاد الى المقترض بعد نهاية خدمته او بعد تسديد السلفة تكون من نماء واستثمار الزيادة المشروطة في القروض بالطرق المحرمة شرعا . ومن المعلوم بداهة في الشريعة الاسلامية والمقرر في مبادئها وقواعدها : ان الاعانة على المعصية معصية .

6 _ أن جميع النفقات والمصاريف التي تتحملها الجهة المقرضة تستحق اخذها من المقترضين وفق الضوابط التالية :

أ _ أن تكون المبالغ المأخوذة على القروض بمسمى مصاريف ادارية مساوية  للمصروفات والخدمات الفعلية لان كل زيادة على تلك المصروفات تدخل في مسمى المنفعة المشروطة المحرمة شرعا فكل ربح ناتج عن السلفة بعد تسديد النفقات الادارية هو ربا محرم .

ب _أن تتولى تقدير تلك النفقات فئة من اهل الخبرة والاختصاص .

 

7 _ أن المبالغ المالية المتحصلة بسبب السلفة والتي تزيد عن المصروفات والخدمات الفعلية  تدخل في مسمى المال الحرام المقرر شرعا ولا يجوز ان تعطى عند نهاية الخدمة بمسمى : مكافاة نهاية الخدمة لان صفة الفقر شرط لصحة الاستحقاق من المال الحرام وهي ليست عامة في جميع المقترضين .

8 _ أن تكييف الرواتب المدفوعة لمنتسبي القوات المسلحة على  انها هبات غير مسلم به, لان الرواتب مستحقات مالية تدفع من المال العام بمقتضى عقد العمل المتمثل باتفاقية التجنيد بين العاملين المجندين من حهة وبين القوات المسلحة من جهة أخرى وفق نظام الرواتب المعمول به في القوات المسلحة , فهي حقوق مكتسبة وليست هبات . فكل من يعمل في القوات المسلحة موظف. والموظف أجير خاص ، يلتزم بساعات العمل ، وما يسند اليه من الواجبات  ويستحق مقابل ذلك الراتب.

9 _ أن اخذ نسبة مئوية من مقدار السلفة بمسمى نفقات ادارية بحيث تتفاوت المبالغ المقتطعة من شخص لاخر حسب قيمة السلفة غير صحيح من الناحية الشرعية لان الجهد المبذول لاعطاء الجندي سلفته البالغة ( ثلاثمائة دينار )مثلا هو الجهد نفسه المبذول لاعطاء الضابط ( الفي دينار ) .

 

وللوقوف على حقيقة الأمر فقد قمت بزيارة ميدانية الى مديرية الدائرة المالية للقوات المسلحة وتبين من خلا الإستفسار عن الية تغطية نفقات تقديم السلفة المتمثلة برواتب المجندين ومتطلبات العمل من الأجهزة والقرطاسية وغيرها أن جميع تلك النفقات تدفع من خزينة الدولة من خلال موازنة القوات المسلحة ولا يوجد نفقات خاصة بالسلفة .

وبناء علية فلا يجوز أن تؤخذ على السلفة أي زيادة لا بصفة  نسبة مئوية ولا بصفة مبلغ مالي مقطوع.هذا وبالله التوفيق وهو سبحانه اعلم واحكم والحمدلله رب العالمين