الصحبة الصالحة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.

إن الإنسان مدني بطبعه، فلا يستغني عن أصحاب وأصدقاء يأنس بهم، ويأنسون به ويتحدث إليهم، ويتحدثون إليه ويمضي شيئا من وقته معهم، وأصحاب الإنسان وأصدقاؤه على شاكلته، كما قال رسول الله ﷺ : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ). ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)
ورحم الله من قال:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
ومما لا شك فيه أن للصحبة أثرا في السوك سلبا وإيجابا، فالصحبة الصالحة سبب من أسباب السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، كما أن الصحبة السيئة عامل من عوامل الشقاء في الدنيا والآخرة وقد بين ذلك، رسول الله ﷺ بقوله: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمام أن يحذيك أو تشتري منه أو تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً خبيثة).
وقد تظافرت نصوص القران الكريم والسنة النبوية الشريفة على ضرورة الصحبة الصالحة، والحث عليها، والدعوة إليها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ﴾
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
وفي الخبر : ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي )
فينغي أن يـحسن الـمسلم اختيــار إخوانـه وأصحابـه وأن يحـرص كـل لحرص على أن يكونوا من ذوي الإيمان القوي والسلوك المثالي، ليجني حصاد ذلك سعادة وفوزا في الدنيا والآخرة.
وفي الوقت نفسه، فقد حذرنا الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، ورسولنا الكريم ﷺ بأحاديثه الشريفة من رفاق السوء، وصحبة الاشرار من الفسقة والعصاة والمنافقين والكفار، لأنه لا يرجى من صحبتهم أدنى خير، بل إن صحبتهم تجر على صاحبها الويلات والمصائب في الدنيا والآخرة، فمن القران الكريم قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ ، ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.
وأما من السنة الشريفة فقد تقدم قوله ﷺ : ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء..). حيث بين عليه الصلاة والسلام أن الصاحب السيء كنافخ الكير فقال: ( . . ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحا خبيثة). وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(إياك وقرين السوء فإنك به تعرف).
هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين