حكم السجود
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأناموعلى آله وصحبه الكرام
السجود ركن
من أركان الصلاة لقول الله تبارك وتعالى (
اركعوا واسجدوا )
ويسجد على
الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين ، فأما السجود على الجبهة فواجب
،والأولى أن يسجد عليها كلها ، فإن أقتصر على ما يقع عليه الاسم منها أجزاه .
ويستحب أن يكشف ما يقع عليه الاسم فيباشر به موضع السجود ، فإن سجد على كمه ويده وغطاء راسه وغير ذلك مما
هو متصل به فصلاته صحيحة ،لما روى أنس رضي الله عنه قال (( كنا نصلي مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض يبسط
ثوبه فيسجد عليه )) رواه البخاري ومسلم
فإن كان على
جبهته جراحة وعصبها بعصابة وسجد على العصابة أجزاه ذلك وصحت صلاته ولا اعادة عليه.
واما السجود
على الأنف فهو سنة لما روى أبو حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم
(( سجد وأمكن
جبهته وانفه من الأرض )) فإن تركه أجزاه لما روى جابر رضي الله عنه قال (( رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر )).
والسنة أن يسجد على أنفه مع جبهته ، فإن اقتصر
على أنفه دون شيء من جبهته لم يجزئه ، فان اقتصر على الجبهة أجزأه.
والمستحب أن
يضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه فان وضع يديه قبل ركبتيه أجزأه ، لما روى وائل
بن حجر رضي الله عنه قال : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا سجد وضع ركبتيه
قبل يديه ، واذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه )) رواه أبو
داود والترمذي والنسائي وغيرهم قال الترمذي : هو حديث حسن .نيل الوطار،2\253 . قال الخطابي
: هو أثبت من حديث تقديم اليدين.
وللعلماء في
حكم وضع اليدين والركبتين والقدمين اجتهادان
: الأول : أن وضعها مستحب وليس واجبا ،والثاني أن وضعها واجب.
ويستحب أن
يجافي مرفقيه عن جنبيه لما روى أبو قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم ( كان اذا سجد جافي عضديه عن جنبيه )
ويستحب أن
يقل بطنه عن فخذيه ، ويفرج بين رجليه وان كانت امراة ضمت بعضها الى بعض لأن ذلك
استر لها .
ويضم أصابع
يديه ويضعها حذو منكبيه ، لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم (( كان اذا سجد ضم أصابعه وجعل يديه حذو منكبيه )). ويرفع مرفقيه ويعتمد
على راحتيه لما روى البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : (( اذا سجدت ضم يديك وارفع مرفقيك )) رواه مسلم
وعن أنس رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم
ذراعيه انبساط الكلب )) رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه
افتراش السبع )) رواه مسلم .
ويجب أن
يطمئن في سجوده والمستحب أن يقول : سبحان ربي الأعلى ثلاثاً ، ولا يزيد الإمام على
ثلاث تسبيحات الا أن يرضى المأمومون المحصورون.
وان قال في
سجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح فهو حسن لما روت عائشة رضي الله عنها قالت :
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك في سجوده )) رواه مسلم
وأبو داود. نيل الأوطار 2\246
ويجتهد في
الدعاء رجاء الإجابة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال (( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء )) رواه مسلم.
وعن أبي
هريرة رضي الله عنه : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده :
اللهم أغفر لي ذنبي كله ، دقة وجله ، أوله وآخره ،علانيته وسره )) رواه مسلم ،
وعن عائشة
رضي الله عنها قالت (( فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتمسته فوقعت يدي على
بطن قدميه في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول : اللهم أني أعوذ برضاك من سخطك ،
ومعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )) رواه
مسلم.
ثم يرفع رأسه
ويكبر ثم يجلس مفترشاً ، يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ، لما روى أبو
حميد الساعدي وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلمفقال : (( ثم ثنى رجله اليسرى
وقعد عليها واعتدل حتى يرجع كل عظم الى موضعه ))
ويجب أن يطمئن في جلوسه لقوله صلى الله عليه
وسلم للمسيء صلاته (( ثم ارفع حتى تطمئن جالساً )) رواه البخاري ومسلم
ويستحب أن
يقول في جلوسه اللهم اغفر لي واجبرني وعافني وارزقني واهدني لما روى ابن عباس أن
النبي صلى الله عليه وسلم (( كان يقول بين السجدتين ذلك )) . رواه أبو داود
والترمذي وغيرهما بإسناد جيد.
والجلوس بين
السجدتين ركن والطمأنينة فيه ركن ، والسنة أن يكبر لجلوسه. ويستحب أن يضع يديه على
فخذيه قريباً من ركبتيه منشورتي الأصابع وموجهة الى القبلة .
ثم يسجد ثم
يقوم من السجدة فيرفع رأسه مكبراً ويجلس لما روى مالك بن الحويرث أن النبي صلى
الله عليه وسلم (( كان اذا كان في الركعة الاولى والثالثة لم ينهض حتى يستوي
قاعداً )) رواه البخاري.
ويسن أن يعتمد على يديه في القيام فيجعل بطن
راحتيه وبطون أصابعه على الأرض سواء قام من الجلسة أو من السجدة ، وكذا اذا قام من
التشهد الأول ، سواء في هذا القوى والضعيف ، والرجل والمرأة لما روى مالك بن
الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم (( استوى قاعداً ثم قام واعتمد على الأرض
بيديه )) رواه البخاري.
ولا يسن رفع
اليدين بين السجدتين لحديث أبن عمر رضي
الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا افتتح الصلاة رفع يديه
حذو منكبيه ، واذا أراد أن يركع ، وبعد رفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع يديه بين
السجدتين )) رواه البخاري ومسلم. وفي رواية البخاري (( ولا يفعل ذلك حين يسجد
ولاحين يرفع من السجود )).
ويستحب رفع
اليدين اذا قام من التشهد الأول، لحديث
نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما (( كان اذا دخل الصلاة كبر ورفع يديه ، واذا ركع
رفع يديه ، واذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه ، واذا قام من الركعتين رفع يديه
، ورفع ابن عمر ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم )) رواه البخاري .
وعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كبر للصلاة جعل
يديه حذو منكبيه ، واذا ركع فعل ذلك ، واذا رفع للسجود فعل مثل ذلك ، واذا قام من
الركعتين فعل مثل ذلك )) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
والله تبارك
وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين