دور شركات التأمين الإسلامية في تأمين مخاطر المصارف الإسلامية

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
لقد كان للمصارف الإسلامية، الدورُ الفاعل في تأسيس شركات التأمين الإسلامية ودعمها ورعايتها وإنجاحها، فمعظم تلك الشركات تعدُّ أذرعاً استثمارية للمصارف الإسلامية.
كما تقوم المصارف الإسلامية بالتأمين على ممتلكاتها والتأمين الصحي للعاملين بها لدى شركات التأمين الإسلامية وتعتبر المصارف الإسلامية أيضاً، جهة إيداعٍ واستثمارٍ لأموال تلك الشركات.
وجزاء للإحسان بالإحسان فإن شركات التأمين الإسلامية تساهم في دعم المصارف الإسلامية من خلال التأمين على ممتلكاتها والبضائع التي تستوردها، وكذلك التأمين التكافلي للعاملين في المصارف الإسلامية والمتعاملين معها بما يكفل المحافظة على الحقوق المالية لتلك المصارف.
والحديث عن دور شركات التأمين الإسلامية في تأمين مخاطر المصارف الإسلامية يشمل ما يلي:
  • تأمين الممتلكات الخاصة بالمصارف الإسلامية.
تقوم إدارات المصارف الإسلامية، بالتأمين على ممتلكاتها الخاصة لدى شركات التأمين الإسلامية، لما تتصف به تلك الإدارات، من الشعور بالمسؤولية، وأمانة المحافظة على أموال تلك المصارف.
فإدارات المصارف الإسلامية تدرك تماماً، مدى ضرورة التأمين على ممتلكانها، لأن القيمة المالية لتلك الممتلكات كبيرة جداً، وهي تدرك بحكم خبرتها، احتمالات تعرض تلك الممتلكات للمخاطر المتعددة، التي تؤدي إلى هلاكها كلياً أو جزئياً، وما يترتب على ترميم آثار تلك المخاطر المحتملة من تبعات مالية، ترهق كاهل تلك المصارف إذا تحملتها بصفة فردية.
ولكي تتجنبَ إداراتُ المصارف الإسلامية المخاطرة في تحمل تلك التبعات المالية فإنها تقوم بالتأمين على ممتلكاتها الخاصة لدى شركات التأمين الإسلامية، بحيث يتم ترميم آثار الأخطار المحتملة عند وقعها بأسلوب تعاوني بين المستأمنين، على أساس أن المصرف الإسلامي هو أحد المستأمنين.
فبدلاً من أن يتحمل المصرف وحدة التبعات المالية لتلك المخاطر حال تحققها فإنه يتحمل فقط جزءاً يسيراً منها يتمثل بقسط التأمين المحدد في الوثيقة.
وأهم الممتلكات التي تؤمنها شركات التأمين الإسلامي للمصارف الإسلامية، المباني الخاصة بالمصارف الإسلامية وهي: مباني الإدارات العامة، والفروع والمكاتب التابعة لها، ومباني المجمعات التجارية المملوكة لغايات الاستثمار، وكذلك المركبات الخاصة بتلك المصارف.
  • تأمين السلع الممولة من المصارف الإسلامية.
تشكل المرابحة نسبة 70% من طرق التمويل والاستثمار التي تعتمدها المصارف الإسلامية ، وتقسم المرابحة إلى قسمين: مرابحة داخلية ومرابحة خارجية.
أما المرابحة الداخلية، فيتم من خلالها شراء السلع للآمرين بالشراء، من داخل البلد الذي يمارس فيه المصرف الإسلامي نشاطه.
وأما المرابحة الخارجية، فيتم من خلالها شراء المصارف الإسلامية للسلع من خارج البلاد، وذلك من خلال الاعتمادات المستندية التي تنظم بين الفريقين.
ولا شك أن البضائع المستوردة من الخارج، تتعرض لجملة من المخاطر، التي قد تؤدي إلى هلاكها أو فسادها أو تضررها كلياً أو جزئياً، لذلك فإن المصارف الإسلامية تؤمِّن على تلك البضائع لدى شركات التأمين الإسلامية، ضد مخاطر النقل البري أو البحري أو الجوي.
  • المركبات الممولة من المصارف الإسلامية.
تشترط المصارف الإسلامية على عملائها، الذين يتمُّ تمويلُ شراء مركبات لهم، تأمين تلك المركبات لدى شركات التأمين الإسلامي، حرصاً من إدارات تلك المصارف على ضمان حقوقها المالية حال هلاك تلك المركبات، بحوادثها المتعددة.
والتأمين يحفظ للمصرف حقه، باعتباره الطرف المستفيد في عقد التأمين في حالة، الخسارة الكاملة .
  • التأمين الصحي للعاملين في المصارف الإسلامية.
يعتبر التأمين الصحي، من أهم أنواع التأمين التي تمارسها شركات التأمين الإسلامية من وجهة نظر المستأمنين، نظراً للتكاليف المالية العالية، التي تتطلبها عمليات المعالجة بصورها المتعددة، وخاصة عند أطباء و مستشفيات القطاع الخاص.
لذلك فإن إدارات المصارف الإسلامية، تقوم بالتأمين الصحي للعاملين فيها لدى شركات التأمين الإسلامي، للتخفيف من التبعات المالية الكبيرة، التي تتطلبها معالجة العاملين فيها، كحق مكتسب لهم من تلك المصارف.
فتتعهد شركات التأمين الإسلامية بموجب عقد التأمين الصحي بين الفريقين يتحمل التبعات المالية، للمراجعات والمعالجات المرضية المختلفة، في حين تتحمل المصارف الإسلامية جزءاً يسيراً من تلك التكاليف، ينحصر بالاشتراك المتفق عليه بين الفريقين.
  • تأمين التكافل الاجتماعي للممولين من المصارف الإسلامية.
إن المتعاملين مع المصارف الإسلامية بالتمويل والاستثمار، أعداد كبيرة، والمبالغ المالية المدين بها هؤلاء للمصارف الإسلامية كبيرة أيضاً.
وعلى الرغم من تعدد وسائل توثيق الديون التي تشترطها المصارف الإسلامية على الممولين منها فإنها وفي ظل الأنظمة والقوانين الوضعية السائدة، تعاني من صعوبات متعددة في تحصيل حقوقها المالية، من عملائها، وخاصة في حالة موتِ أو عجزِ العميل المباشر عن الوفاء بدينه.
وقد لجأت المصارف الإسلامية كعلاجٍ لهذه المشكلة، إلى التأمين التكافلي الجماعي على حياة الممولين منها لدى شركات التأمين الإسلامية، بحيثُ يصبحُ حقّها المالي مضموناً، فإذا مات المدين أو عجز عجزاً كلياً فلا يطالب ورثته بدفع بقية الدّين للمصرف، وتلتزم شركة التأمين بمقتضى عقد تأمين التكافل الجماعي بدفع الجزء المتبقى من دينه للمصرف الإسلامي.
 
ثانياً: الوسائل المتبعة لدى شركات التأمين الإسلامي لتأمين المخاطر:
  • التأمين المباشر:
تقسم مخاطر المصارف الإسلامية من حيث الإمكانية المالية لشركات التأمين الإسلامية إلى قسمين:
    • الأول: المخاطر التي لا تتجاوز تعويضاتها الإمكانية المالية لصندوق التعاوني فتؤمن تلك الأخطار تأميناً مباشراً من غير إعادة شيء منها لدى شركات إعادة التأمين.
    • الثاني: المخاطر التي تتجاوز تعويضاتها الإمكانية المالية لصندوق التأمين التعاوني فيؤمن جزء منها لدى الشركة ويعاد تأمين باقي تلك الأخطار لدى شركات الإعادة كما سيأتي.
وفي حالة التأمين المباشر فإن شركة التأمين الإسلامية، تلتزم في حالة تحقق الخطر المؤمن منه بمقتضى عقد التأمين ، بدفع التعويض المتفق عليه في كل وثيقة.
ولا شك أن المبالغ المالية التي تدفعها شركات التأمين الإسلامية، للمصارف الإسلامية كتعويضات عن الأضرار حال وقوعها، هي أكثر بكثير من الاشتراكات المدفوعة من المصارف الإسلامية لتأمين تلك الأضرار.
وهنا يظهر دور التأمين الإسلامي في تقليل المخاطر في المصارف الإسلامية، فبدلاً من أن يتحمل المصرف وحده التبعات المالية الناتجة عن الخطر غير المؤمن، فإن شركات التأمين الإسلامي هي التي تنوء بهذا الحمل حيث يتم دفع التعويض من صندوق التأمين التعاوني على أساس أن المصرف الإسلامي أحد المستأمنين.
  • تقليل المخاطر من خلال إعادة التأمين.
المراد بإعادة التأمين هو: قيام شركة التأمين الإسلامية بتأمين الخطر المؤمن منه كلياً أو جزئياً لدى إحدى شركات إعادة التأمين ذات الملاءة المالية العالية.
وبموجب إعادة التأمين تلتزم شركة التأمين الإسلامية بدفع جزء من أقساط التأمين (الاشتراكات) المستحقة لها من المصرف الإسلامي لشركات إعادة التأمين مقابل التزام تلك الشركات بتحمل حصة من التعويضات تساوي نسبة حصتها من أقساط التأمين.
والصورة التطبيقية لإعادة التأمين في شركات التأمين الإسلامية هي أنه في حالة أن يعرض على إحدى شركات التأمين الإسلامية أن تؤمن خطراً معيناً تفوق تعويضاته إمكانياتها المالية، فإن الشركة تقبل ذلك العرض غالباً فتؤمن الجزء الممكن تأمينه من الخطر وتعيد تأمين الجزء المتبقي منه لدى إحدى شركات إعادة التأمين بقصد توزيع الخطر بين الشركتين.
وهذا يعني أن لإعادة التأمين دوراً هاماً في تقليل المخاطر في المصارف الإسلامية، وعلى النحو التالي:
  • أن الخسارة المالية التي تتحملها المصارف الإسلامية، حال تحقق الخطر المؤمن منه في الممتلكات الكبيرة، تنحصر بقسط التأمين المتفق عليه في وثائق التأمين. وأن شركات التأمين الإسلامية وشركات إعادة التأمين، هي التي تدفع التعويضات المالية للمصارف الإسلامية، وبالنسبة التي اقتسما فيها أقساط التأمين بينهما.
  • أن إعادة التأمين، تجعل المصارف الإسلامية، تشعر بالطمأنينة في ممارساتها لأعمالها، وأن الشعور بالأمن والأمان الذي تولده إعادة التأمين، لدى إدارات المصارف الإسلامية، يدفعها إلى توسيع دوائر الاستثمار في المشاريع الإنتاجية الضخمة والتي تشكل أكبر روافد الربح لتلك المصارف.
  • تقليل المخاطر من خلال الفائض التأميني:
الفائض التأميني هو: المبالغ المالية المتبقية في حساب المستأمنين من مجموع الاشتركات التي قدموها، واستثماراتها بعد تسديد المطالبات المستحقة للمتضررين من المستأمنين، ومصاريف إعادة التأمين، ورصد الاحتياطيات الفنية واستيفاء الشركة لأجرها بصفتها وكيلاً عنهم في إدارة العمليات التأمينية.  والأصل أن يوزع الفائض التأميني في شركات التأمين الإسلامية على حملة الوثائق. والمصارف الإسلامية بحكم تأمينها لدى شركات التامين الإسلامي، هي من المستأمنين ولذلك فهي تستحق حصتها من الفائض التاميني. وبناء على ما تقدم فإن للفائض التأميني في شركات التأمين الإسلامية، دوراً فاعلاً في تقليل المخاطر في المصارف الإسلامية: فإذا كان مجموع الأقساط المترتبة على أحد المصارف الإسلامية مثلاً هو مليون دينار مثلاً، وحصته من الفائض التأميني هي مائة ألف دينار، فإنه الفائض التأميني يساهم في تقليل المخاطر بنسبة 10%.
  • تقليل المخاطر من خلال الاستثمار لدى المصارف الإسلامية.
إن شركات التأمين الإسلامي تقوم باستثمار المتوفر من أقساط التأمين، لدى المصارف الإسلامية، على أساس المضاربة ويتم اقتسام الأرباح بينهما بالنسبة المتفق عليها.
إن نصيب المصارف الإسلامية من أرباح استثمار أقساط التأمين، يقلل من قيمة المبالغ المالية التي تدفعها المصارف كأقساط تأمين على أساس المقاصة بين الحقوق المالية للفريقين ففي المثال المشار إليه في الفقرة السابقة إذا كانت حصة المصرف الإسلامي من أرباح استثمار أقساط التأمين مائة ألف دينار مثلاً فإن تلك الأرباح تسهم أيضاً في تقليل المخاطر بنسبة 10%.
 
 
هذا وبالله التوفيق