الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
حكم إعادة التأمين الإسلامي لدى شركات الإعادة التقليدية:
الأصل في حكم إعادة التأمين الإسلامي لدى شركات الإعادة التقليدية هو التحريم في حالة وجود شركات إعادة تأمين إسلامية تسد الحاجة، لأن إعادة التأمين نوع من أنواع التأمين التقليدي وصورة من صوره فيكون لها من الحكم ماله وهو التحريم، ويجوز لشركات التأمين الإسلامية في حالة عدم وجود شركة أو شركات إعادة تأمين إسلامية أن تعيد التأمين لدى شركات الإعادة التقليدية كإجراء مرحلي مقيد بضوابط معينة على أساس الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، ويجب عليها في هذه الحالة أن تقلل الإعادة إلى أدنى حدِّ ممكن وهو القدر الذي يزيل الحاجة عملاً بقاعدة: "الضرورة تقدر بقدرها" وكذلك "الحاجة تقدر بقدرها".
ويجب أن تكون مدة اتفاقيات إعادة التأمين بين شركات التأمين الإسلامية وشركات الإعادة التقليدية من حيث الزمن ما دامت الحاجة للإعادة قائمة ففي أي وقت يمكن فيه الاستغناء عن إعادة التأمين التقليدية يجب على الشركات الإسلامية أن تتوقف عن الإعادة مع تلك الشركات التقليدية ويحرم عليها مواصلة ذلك، وهو أمر يترك تقديره لإدارات تلك الشركات وهم مسؤولون أمام الله تبارك و تعالى عن تقدير ذلك وبما يحفظ حقوق المستأمنين ويضمن استمرار تقديم الشركة للحماية التأمينية المتعاقد عليها، وفاءً لالتزاماتها التعاقدية.
ولا يجوز بحال أن تركن شركات التأمين الإسلامية إلى الحل المؤقت وتعتبره حلاً جذرياً لهذه المشكلة. لأن جواز إعادة التأمين الإسلامي لدى شركات الإعادة التقليدية هو إجراء مؤقت ورخصة مقيدة بوجود البديل الشرعي المتمثل بشركات الإعادة الإسلامية.
- الحكم الشرعي للتعويضات والعمولات التي تقدمها شركات إعادة التأمين التقليدية لشركات التأمين الإسلامية:
إن التعويضات التي تدفع من شركات الإعاد التقليدية تستحق بطريق مشروع، لأن المحظور الذي يستباح بالضرورة أو الحاجة يباح بالقدر الذي يندفع به الضرر.
وإعادة التأمين التي تتعامل بها شركات التأمين الإسلامية مع شركات إعادة التأمين التقليدية مأذون بها على أساس الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فتدخل تلك التعويضات في حساب المطالبات.
أما عمولة إعادة التأمين، فهي جزء من الأقساط التي تلتزم بها شركات التأمين الإسلامية لشركات الإعادة التقليدية يتم خصمها من حصة شركة الإعادة كتعويض عن النفقات والمصاريف التي تتحملها كل شركة في سبيل الحصول على عقود التأمين، فهي مساهمة من شركات إعادة التأمين في النفقات الإدارية التي تخص الخطر المعاد تأمينه.
وإن عمولة إعادة التأمين تعتبر إيراداً مشروعاً يضاف إلى حساب المستأمنين ضمن الإيرادات لأنها جزء من الأقساط المستحقة لشركات الإعادة يتم خصمها قبل تحويلها إليها، وليست جزءً من أموالها التي تنمو بالطرق غير المشروعة غالباً.
يضاف إلى ذلك أن عمولة الإعادة تستحق على أساس أنها إعانة ومشاركة من شركات الإعادة في تحمل جزء من النفقات الإدارية الخاصة بالأخطار المعاد تأمينها فتأخذ حكم الهبة، وهبة المسلم وغير المسلم للمسلم جائزة باتفاق الفقهاء.
وأما عمولة أرباح إعادة التأمين، فتدفع لشركة التأمين الإسلامية بصورة مكافأة تحفيزية على مهارتها في إدارة العمليات التأمينية عموماً والأخطار المعادة خصوصاً. فتدخل في عقد الجعالة الجائز عند جمهور الفقهاء وتعتبر إيراداً مشروعاً يضاف إلى حساب المستأمنين ضمن الإيرادات.
الضوابط الشرعية لممارسة إعادة التأمين من قبل شركات الإعادة الإسلامية:
يجب على شركات الإعادة الإسلامية التقيد بما يلي:
- الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاتها ويتطلب ذلك ما يلي:
- أن يكون نظامها الأساسي ولوائحها وعقودها وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
- أن تكون لها هيئة رقابة شرعية تشرف على تأسيسها وتأصيل عقوده ووثائقها ومراقبة أعمالها وباستمرار.
- وجوب الفصل بين حقوق المساهمين المالكين لشركات إعادة التأمين الإسلامية، وبين حقوق شركات التأمين التي تعيد التأمين لديها بحيث يكون لكل من الفريقين حساب مالي خاص به، ويحدد لكل من الحسابين موارده ومصاريفه الخاصة، وفق توجيهات هيئة الرقابة الشرعية للشركة حتى لا تختلط الأموال، ولتحقيق مبدأ العدالة بينهما.
- أن يغطى النقص المالي لحساب شركات التأمين من حساب المساهمين في شركات الإعادة الإسلامية على أساس القرض الحسن إذا لم تف أقساط الإعادة والاحتياطيات الفنية لدفع التعويضات وسائر الالتزامات المالية الخاصة بحساب تلك الشركات.
- يجب إيداع جميع الأموال التي تخضع لإدارة شركات الإعادة الإسلامية لدى المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ويشمل ذلك أموال المساهمين وأموال شركات التأمين المعاد لها التأمين ولا شك أن إيداع تلك الأموال لدى المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية يدخل في عموم التعاون على البر بين المؤسسات المالية الإسلامية الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به بقوله: (وتعاونوا على البر والتقوى) ويحرم إيداع تلك الأموال لدى البنوك الربوية في البلد الذي يوجد فيه مصرف أو مؤسسة مالية إسلامية لعدم وجود الحاجة إلى البنوك الربوية لأن في ذلك عون لها على ماهية فيه من الربا المحرم، والإعانة على المعصية معصية، وقد نهانا الله تبارك وتعالى عن ذلك بقوله:(ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)
- يجب استثمار الأموال بالطرق المشروعة، وفق توجهات هيئة الرقابة الشرعية لكل شركة، وبما يحقق أهداف الشركة وغاياتها.
- يحرم إعادة تأمين والمؤسسات التي يكون عملها محرماً شرعاً كالبنوك الربوية ومصانع إنتاج الخمور، ويتعين على شركات الإعادة الإسلامية أن تبين لشركات التأمين المباشر عند إبرام اتفاقيات إعادة التأمين معها. أن شرعية معاملاتها تقتضي أن لا تؤمن شركات التأمين مثل تلك المؤسسات.
- يجب تحديد المقابل المالي لإدارة عمليات إعادة التأمين ابتداءً على أساس الوكالة بأجر معلوم بحيث يكون لها نسبة مئوية من أقساط الإعادة، وذلك بقرار من مجلس الإدارة لكل شركة قبيل باية كل سنة مالية حتى لا يكون في عقد إدارة عمليات الإعادة غرر أو جهالة تقتضي فساده، لأنه عقد الإدارة من عقود المعاوضات المالية التي لا تصح مع الغرر أو الجهالة.
- يجب الإفصاح عن آلية توزيع الفائض التأميني ابتداءً وفق توجيهات هيئة الرقابة الشرعية لكل شركة.
- يجب الإفصاح ابتداءً عن آلية إخراج الزكاة الشرعية من الأموال التي تجب فيها الزكاة وفق توجيهات هيئة الرقابة الشرعية لكل شركة.
المكاسب المالية المتحققة لشركات التأمين الإسلامية من شركات الإعادة الإسلامية:
إن جميع المكاسب المالية التي تحصل عليها شركات التأمين الإسلامية من شركات إعاد التأمين الإسلامية كتعويض عن الأضرار التي تلحق بالمستأمنين أو غير ذلك من عمولات إعادة التأمين وعمولات أرباح إعادة التأمين تعتبر كسباً مشروعاً.
وتدخل التعويضات، وتدخل عمولة إعاد التأمين، وعمولة أرباح إعادة التأمين في المستأمنين الوثائق ضمن الإيرادات