الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
إن الصكوك وثاثق متساوية القيمة تصدر على أساس عقد شرعي لتمويل نشاط استثماري معين، ويحتوي هذا النشاط على أصول وممتلكات قد تكون أعياناً أو منافع أو خليطاً بينهم، ومن ثم فهي عرضة لكافة المخاطر التي تتعرض لها هذه الاصول.
مفهوم المخاطر :
يطلق مفهوم المخاطر على النتائج الناشئة عن التقلبات المنتظمة وغير المنتظمة التي تحدث في قيم الاصول وعائداتها المتوقعة في ظل ظروف عدم التاكد السائدة في الاسواق المالية، والنشاطات الاقتصادية المحلية والدولية.
أنواع المخاطر:
- المخاطر المنتظمة: وهي المخاطر التي تؤثر على السوق بشكل عام، وتتأثر بها جميع الأوراق المالية بمختلف أنواعها بسبب عوامل إقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، والتي يصعب تجنبها، ويطلق عليها أيضاً المخاطر الكلية او المخاطر العامة وأهمها:
- الاوضاع السياسية السائدة من حيث الاستقرار، وأساليب تداول السلطة، والعلاقات السياسية الدولية
- السياسات النقدية من حيث تجاوبها مع المتغيرات، وحرية تحويل النقد، وانتقال الاموال، واستقرار قيمة العملة.
- السياسات المالية، وذلك لمعرفة قياس مدى نجاح تحقيق التوازن بين الايرادات والنفقات العامة، وإدارة السياسة الضريبية.
- السياسات الاقتصادية، لمعرفة مدى تحسن مؤشرات الدخل القومي، وميزان المدفوعات، وتنمية التجارة الخارجية، والاطلاع على الخطط الاقتصادية.
- المخاطر غير النتظمة :وهي المخاطر التي لا تؤثر على السوق بشكل عام ولكن تتأثر بها بعض الاوراق المالية بسبب عوامل خاصة فيها، والتي يمكن تجنبها خلافاً للمخاطر المنتظمة التي يصعب تجنبها لصعوبة إدارتها، ويطلق عليها أيضاً المخاطر الخاصة وأهمها:
- مخاطر مصدري الصكوك: فمن المعلوم ان مصدر الصك قد يكون فردا او شركة او حكومة، وهم اصحاب فكرة المشروع ،فهم الذين يتلقون حصيلة الاكتتاب، ثم يوجهونها نحو الاستثمار في اي مشروع يرونه مناسباً، ومن ثم فهم أصحاب قرار الاستثمار ولا يشاركهم حملة الصكوك فيه باعتبارهم اصحاب المال، وشروط نشرة الاصدار، ولتجنب مثل هذه المخاطر ،وجب على حملة الصكوك أن يحسنوا اختيار مصدري الصكوك سواء من الناحية الادبية او الدينية او الخبرة.
- مخاطر التأخر أو العجز عن الوفاء وهما:
- خطر التأخر في الوفاء (SLOW PAY RISK) :وهذا الخطر يحدث اذا توقع مثلا حملة الصكوك أن العوائد التي توزع عليهم ستتأخر عدة أشهر،بسبب رغبة المدين في تأخير الوفاء، ومن ثم فإنهم سيصابون بخيبة أمل لن تؤثر فقط في التنبؤ بقدرة الاصول على الوفاء، بل أيضاً على الثقه في صفقات التصكيك بكاملها.
- خطر العجز عن الوفاء(NO PAY RISK) :وهذا الخطر يحدث إذا عجز المدين عن الوفاء بسبب التعثر المالي او الافلاس ، مما يبرر أهمية دور شركات التصنيف الائتمانية العالمية في درء هذا الخطر من خلال درجة التصنيف الائتماني التي تعطى عند بدء عملية التصكيك. وتساعد المستثمرين على توقع هذا الخطر قبل اتخاذ قرار الاستثمار في الصكوك، إضافة الى وجود ضمانات كافية مقابل تلك الصكوك لتعزيز ثقة المستثمرين بها.
- مخاطر تصكيك الاصول العينية: وهي المخاطر التي تكمن في حال عدم قدرة هذه الاصول على تحقيق تدفقات نقدية كافية لتوزيع العوائد المتوقعة على حملة الصكوك، المحددة في نشرة الاصدار، مما يؤثر سلباً على ثقة المستثمرين في تلك الصكوك والمخاطر المتمثلة في إنعدام التقدير العادل لقيم الأصول التي يتم تصكيكها ، ولتجنب مثل هذه المخاطر، يجب إجراء دراسات وافية على الأصول القابلة للتصكيك ، وتقدير قيمتها من قبل شركات التصنيف الإئتمانية من خلال التصنيف الإئتماني لما لما عند بدء عملية التصكيك وتقدير تدفقاتها النقدية بدقة، وإجراء تحليل محاسبي عليها ،لغرض اكتشاف مكامن الخطر، ووضع التدابير اللازمة لتجنبها.
- المخاطر التشغيلية: من المعلوم أن الصكوك قائمة على أصول، وأن العائد على هذه الصكوك ناتج عن هذه الاصول، ومن ثم فإن المخاطر التشغيلية الناتجة عن تملك هذه الأصول يتحملها حملة الصكوك، مثل الاضرار البيئية الناتجة عن المصانع أو البواخر وتأخر تأجير الأصول القابلة للتأجير وتعتبر بيع الأصول المعروضة للبيع ... لذلك يجب مراعاتها
- المخاطر القانونية: هناك بعض المخاطر القانونية التي تكمن في النظم والتشريعات القانونية المعمول بها في كثير من الدول، مما يجعل الكثير من بنودها لا تتفق مع أحكام الشريعة.
- مخاطر مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية: يعد الالتزام بالضوابط الشرعية من أهم سمات المؤسسات المالية الاسلامية، لأن مخالفتها لأحكام الشريعة في اي فترة من عمر الصك يؤدي الى أضرار تختلف بإختلاف المخالفة، ودرجة خطورتها، ولتجنبها، يجب تعيين هيئة رقابة شرعية للإشراف عليها.
- -مخاطر صيغ التمويل الاسلامي: هناك بعض المخاطر الخاصة بطبيعة الصيغ التمويلية الاسلامية، ويمكن إيجازها فيما يلي:
- مخاطر تتعلق بصكوك المضاربة: مثل سوء الأمانة، وكفاءة الشريك المضارب ،وسوء الظروف السوقية للسلعة المنتجة، وصعوبة التدقيق أو التصفية ، ولتجنب مثل هذه المخاطر ،وجب على حملة الصكوك أن يحسنوا في اختيار المضارب ،والمدقق الداخلي.
- مخاطر تتعلق بصكوك المشاركة: مثل سوء إدارة المشروع، وسوء الظروف السوقية للسلعة المنتجة، وصعوبة التدقيق والمتابعة، ولتجنب مثل هذه المخاطر، وجب على حملة الصكوك أن يحسنوا في اختيار الشريك.
- مخاطر تتعلق بصكوك الإجارة: مثل ارتفاع نسبة التضخم التقدي مقرونة بطول فترة السداد، وتأخير او عدم السداد(نتيجة زيادة الإيجار)،ومشاكل صيانة العين المؤجرة، ومخاطر سوق العين المؤجرة ومنتجاتها، لذا وجب مراعاة ذلك.
- مخاطر تتعلق بصكوك الاستصناع: مثل مخاطر التخزين والنقل(يطلق عليها المخاطر الزمنية) أو مخاطر عدم سداد الأقساط(نتيجة زيادة السعر)،واختلاف المواصفات بسبب احتمال عدم توافر بعض مواد المستصنع، لذا وجب مراعاة ذلك.
- مخاطر تتعلق بصكوك البيوع: مثل عدم التمكن من زيادة السعر نتيجة التأخير في دفع الأقساط، لأنه صورة من صور الربا المحرم أو هلاك السلعة فبل التسليم، لأن المتابعة هنا تقع على عاتق البنك، لذا وجب مراعاة ذلك.
- مخاطر المشاريع الاستثمارية: هناك بعض المخاطر تتعلق بالمشاريع الإستثماية، وأهمها:
- الشكل القانوني للمنشأة: مثل المنشأة الفردية تعد أكثر خطورة من أنواع المنشآت الاخرى، ولتجنبها، يتم توزيع الاستثمارات على عدة أشكال قانونية للمنشآت.
- ضعف مدير المؤسسة ، التي تتمثل بتدني مستوى تحمسه، وإيمانه برسالة مؤسسته ،وقدرته على اتخاذ قرار سليم، ولتجنب مثل هذه المخاطر، يكمن الحل في حسن اختيار المدير.
- عدم تكامل خبرات هيئة الادارة: إن افتقار هيئة الادارة الى الخبرات،قد يحرمها من العلم بالظروف المحيطة باتخاذ القرار المناسب، ولتجنب مثل هذه المخاطر، يكمن الحل في حسن اختيار الهيئة الإدارية من الخبرات المتخصصة.
- مخاطر مراحل نمو المؤسسة : تتعدد مخاطر مراحل حياة المؤسسة وأهمها مخاطر المرحلة الاولى، ولتجنبها، يجب اتخاذ قرار سليم في نفقات التأسيس مثلاً، حتى لاتتحمل نفقات لامبرر لها.
- مخاطر تسويقية: هناك مخاطر تسويقية تتعلق بطبيعة بعض الصناعات بسبب اعتمادها على التكنولوجيا مثلاً، ففي حالة تباطؤ التسويق يجعل السلع تتقادم بمعدل يفوق عمرها الافتراضي، ولتجنبها، ينبغي اتباع سياسة تنويع المشاريع الاستثماري
هذا وبالله التوفيق
* المرجع الاساس للمعلومات الخاصة بالصكوك المؤلف الدكتور زياد الدماغ