الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
يستدل على مشروعية التأمين الإسلامي الذي تمارسه شركات التأمين الإسلامية بالأدلة التالية:
أولاً: النصوص الشرعية:
إن نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة منها ما هو خاص ومنها ما هو عام من حيث دلالتها على الأحكام الشرعية، أما فيما يتعلق بحكم التأمين الإسلامي، فلا يوجد نص خاص من القرآن الكريم أو السنة الشريفة يدل على مشروعيته وحلِّه .
ولكن يستدل على مشروعية التأمين الإسلامي بعموم دلالة بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو وتحث على أعمال البر والخير وعلى النحو التالي:
- الآيات القرآنية الكريمة:
- قول الله تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [المائدة: 2].
- قوله جل وعلا: ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) [الحج: 77].
وجه الاستدلال: أن التأمين الإسلامي يدخل في عموم التعاون على البر الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به، لأن البرَّ اسم جامع لأعمال الخير، ولا شك أن تبادل التبرع بين حملة الوثائق الذي يقوم عليه التأمين الإسلامي يمثل وجهاً من وجوه الخير وصورة من صوره.كما أن خلو التأمين الإسلامي من الربا والغرر والجهالة ينفي عنه صفة التعاون على الإثم والعدوان الذين نهت عنهما الآية الكريمة.ا
- السنة النبوية المطهرة:
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو (أي نقص طعامهم وأوشك على النفاد) أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم»
وجه الاستدلال: أن التأمين الإسلامي الذي يقوم على أساس التعاون والتضامن بين المشتركين فيه لترميم آثار المخاطر التي تصيبهم يمثل صورة تطبيقية لمعنى التعاون الذي أقره النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وحث عليه.
- أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التالية:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً». «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
وجه الاستدلال: أن إعانة المسلم لأخيه مادياً أو معنوياً من أفضل القربات عند الله سبحانه وتعالى. وإن دفع التعويضات للمتضررين من المشتركين في التأمين الإسلامي يعدُّ تطبيقاً عملياً للتعاون المادي الذي حثت عليه هذه الأحاديث الشريفة.
- نظام العواقل في الشريعة الإسلامية الثابت بالسنة النبوية الصحيحة : ففي حالات القتل غير العمد التي توجب دفع الدية شرعاً على أفراد عشيرة القاتل البالغين. فإن أفراد تلك العشيرة يتعاونون فيما بينهم وبإلزام الشرع الشريف على ترميم آثار الضرر المادي الناتج عن جناية القتل الخطأ المتمثل بدفع الدية. وفي التأمين الإسلامي يلتزم المشتركون فيه بتبادل التبرع فيما بينهم بمقتضى عقد التأمين لجبر الضرر الذي حل أو يحل بأيٍّ منهم. فيلتقي بذلك التأمين الإسلامي مع نظام العواقل في الغاية والوسيلة، فالغاية في الحالتين دفع الضرر، والوسيلة بذل المال.
ثانياً: مقاصد الشريعة الإسلامية:
إن مقاصد الشريعة الإسلامية تقوم على أساس تحقيق مصالح العباد بجلب المنافع لهم ودرء المفاسد عنهم. ولا شك أن التعاون بين المشتركين في التأمين يحقق مصلحتهم لأنه يدفع الضرر عن المتضررين منهم بشكل ينسجم مع النصوص الشرعية في هذا الشأن
ثالثاً: الأدلة العقلية:
- إن التأمين الإسلامي يخلو من الربا بشتى صوره إيداعاً واقتراضاً واستثماراً.
- إن قيام التأمين الإسلامي على أساس التبرع المتبادل بين المشتركين فيه يلغي أيَّ أثر للغرر أو الجهالة فيه، لأن عقود التبرعات تصح مع الغرر أو الجهالة لقيامها على الإحسان والبرِّ طمعاً في الأجر والثواب.
رابعاً: قرارات مجامع الفقه الإسلامي وهيئات كبار العلماء والرقابة الشرعية :
- قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى في 10/ شعبان/ 1398 هـ بمكة المكرمة بجواز التأمين الإسلامي والذي جاء فيه :(بعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية تحريم التامين (التجاري)بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك من الأموال كما قرر المجلس بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التامين الإسلامي بدلا من التامين التجاري المحرم).
- قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بالرياض عام 1397هـ والذي جاء فيه : «بعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس جواز التأمين التعاوني وإمكان الاكتفاء به عن التأمين التجاري ....بتصرف».
- قرار مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف حيث جاء فيه: «التأمين الذي تقوم به جمعيات تعاونية يشترك فيها جميع المستأمنين لتؤدي لأعضائها ما يحتاجون إليه من معونات وخدمات أمر مشروع وهو من التعاون على البر».
- قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة عام 1406هـ والذي جاء فيه:(إن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التامين الإسلامي القائم على أساس التبرع والتعاون ).
هذا وبالله التوفيق