مسؤوليات الإدارات التنفيذية للمصارف الإسلامية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 مسؤوليات الإدارات التنفيذية للمصارف الإسلامية
 
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين
لقد شجع النجاح الذي شهدته المصرفية الإسلامية العديد من المصارف الربوية في البلاد العربية والإسلامية، بل والغربية منها إلى التحول نحو المصيرفة الإسلامية وتبني الأسس والأحكام التي تقوم عليها
ومعلوم أن المصرفية الإسلامية صناعة مالية حديثة تعتمد في أعمالها ومعاملاتها أحكام الشريعة الإسلامية ،فهي تعني العودة بالأمة الإسلامية إلى دينها وشريعتها في فقه المعاملات، ونقله من عالم السطور إلى واقع منظور يتمثل بالمصارف الإسلامية
 إن المصرفية الإسلامية ليست البديل الشرعي للمعاملات الربويــة في المجتمعات الإسلامية ، لأن التعامل بالربـا دخيل عليها وهو من سمات المجتمعات الجاهلية التي لا تلتزم بالشريعة الإسلامية ،فترك الربا واجب، والاصرار علية أعظم ذنب بعد الشرك
 والمصرفية الاسلامية علـــــم يتطلـــــب فهمــــــه ومعرفته مزيـــــدا من البحث والاطـــــــلاع والاستمـــــــاع إلى خبرائها ، لأنها تجمع بين معرفتين الأولى شرعية والأخرى فنية ، فالحكم على الشيء فرع  عن تصوره، فالأمر يحتاج إلى تخصص والمتخصصون فيه قليلون.
ان نجاح المصرفية الاسلامية يتطلب تظافر الجهود الفردية والمؤسسية  ذات الصلة بالمصرفية الاسلامية وأول من يجب عليهم انجاحها العاملين في المصارف واداراتها وكما يلي:
 
أولاً: الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية
 
إن أهم واجبات الادارات التنفيذية للمصارف الاسلامية تحقيق مصداقية الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في معاملاتها وسائر نشاطاتها فينبغي التقيد التام بقرارات هيئات الرقابة الشرعية وتوجيهاتها حتى تكون المصارف دائماً وبإذن الله إسلامية مظهراً وجوهراً.
 
وإن للالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في الممارسات العملية للمصرفية الإسلامية أثرا بالغا في نجاحها وازدهارها لأن في ذلك تحقيق لمرضاة الله تبارك وتعالى القائل في كتابه الكريم: ) ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها  (.
 
وإذا حقق القائمون على المصارف مرضاة الله تبارك وتعالى قذف سبحانه وتعالى  في القلوب محبتها، وحسّن  صورتها وسمعتهـــــا ، فيزاد بذلك عدد المتعاملين معها ، تمويلا واستثمارا ، وتزداد تبعا لذلك مكاسبها الربحية وملاءتها المالية.
 
ثانيا: تقديم المعاملات المصرفية بصورة متميزة 
 
إن سرعة الانجاز ، والجودة أصبحا معيارا للتنافس بين المصارف في تنفيذ المعاملات وتقديم الخدمات المصرفية فينبغي أن تتميز المصارف الاسلامية  بالسرعة والإتقان واستخدام احدث الوسائل العلمية في هذا الشأن من خلال الطاقات البشرية المحترفة  لاستقطاب اكبر عدد من المتعاملين والمستثمرين لينعكس ذلك بصورة ايجابية على المصرفية الاسلامية .    

ثالثا: حسن المقابلة وطيب المعاملة
 
ان طبيعة عمل المصارف الاسلامية كمؤسسات استثمارية وخصوصيتها الدينية تقتضي أن تقدم خدماتها للمتعاملين معها باسلوب يتناسب مع طبيعتها وخصوصيتها يتمثل بالآداب والأخلاق الاسلامية الخاصة بالتعامل مع الآخرين ، لأن القلوب فطرت على حب من أحسن إليها، امتثالا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم"  وخالق الناس بخلق حسن "
 
فيجب على الادارات التنفيذية أن تولي هذا الأمر عناية خاصة لما له من أثر في نجاح المصرفية الاسلامية وازدهارها

رابعا: تعيين الكفاءات البشرية المتميزة
 
إن نوعية العاملين في المصارف الإسلامية تؤثر على المصرفية الإسلامية سلباً أو إيجاباً  ، ويتحقق التأثير الإيجابي من خلال تعيين الأشخاص المتميزين الذين يجمعون بين الكفاءة والاحتراف في العمل المصرفي والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في التعامل والسلوك فيتحقق فيهم قول الله تبارك وتعالى : ) إن خير من استأجرت القوي الأمين  .(  ويتجلى أثر الكفاءات المتميزة في نجاح المصرفية الإسلامية بتحقيق افضل النتائج لأعمال تلك المصارف والمحافظة على أموالها والمساهمة في تقليل خسائر عمليات التمويل والاستثمار بالاضافة الى زيادة عدد المتعاملين  معها بسبب الانطباع الحسن عن تلك المصارف وهو ما يعرف بالتسويق غير المباشر.
 
خامسا : تأهيل الكفاءات البشرية من خلال الوسائل التالية :
 
  1. عقد الدورات الخاصة بفكر المصرفية الإسلامية لترسيخ وتجذير هذا الفكر لدى العاملين بالمصارف الإسلامية والوصول إلى قناعة راسخة بوجود فروق جوهرية بين المصارف الإسلامية والمصارف الربـــوية .
  2. التدريب المستمر على البرامج المتخصصة بصيغ التمويل والاستثمار في المصارف الإسلامية لتحقيق المعرفة النظرية والممارسة العملية لتلك المنتجات .
  3. حث العاملين في المصارف الإسلامية على تطوير قدراتهم ومساعدتهم على ذلك من قِبَل إدارات المصارف بغية الوصول إلى مستوى الاحتراف.
  4. الرعاية المستمرة لأوضاع العاملين في المصارف الإسلامية وتقدير ظروفهم الخاصة من خلال الزيادات السنوية لرواتبهم، والمكافآت التشجيعية لجهودهم، وتخصيص مكافآت خاصة للمتميزين منهم لإيجاد جو تنافسي بينهم بحيث يزداد انتماؤهم لمصارفهم، ولا يفكرون بالاستقالة منها طمعاً في مكسب مادي خارجي. 
  5. المعالجة الحكيمة من إدارات المصارف لبعض الزلات العفوية البسيطة من بعض الموظفين والتي لا تؤثر على حسن سير أداء العمل في المصرف لأن القلوب فطرت على حب من أحسن إليها، والنفور ممن قسى عليها.
فالتعنيف والتعزير يؤدي إلى الكره والتنفير وقد أرشدنا الله تبارك وتعالى من خلال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة واللين وترك والتشديد بقوله :(( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك  )  
 
سادسا :التعريف بفكر المصرفية الاسلامية ورسالتها

من أهم العوامل الأساسية لتقــدم وازدهار المصارف الإسلامية التعريف بفكر المصرفية الاسلامية بإعطاء التصور الصحيح عن المصارف الإسلامية ، من خلال البيان التفصيلي لطبيعة المصارف الإسلامية ، والمبادئ التي قامت عليها، وخصائصها التي تتميز بها عن المصارف الربوية والضوابط والأحكام الشرعية التي تقدم على أساسها صيغ التمويل والاستثمار وخدماتها المصرفية.
 
ويتحقق التعريف بالمصارف الإسلامية من خلال الوسائل التالية:
  1. البرامج التدريبية الخاصة بالمصرفية الإسلامية للعاملين بالمصارف الإسلامية لتمكينهم من تنفيذ المعاملات والخدمات المصرفية بصورتها الشرعية وتثقيفهم بفكر المصرفية الإسلامية ، لأنهم أكثر من يُسأل عن ذلك بسبب طبيعة عملهم، بحيث يكون كل موظف رسول خير لمصرفه حيثما حل وارتحل . وفي غياب هذا الجانب من التدريب  والتثقيف لدى العاملين بالمصارف الإسلامية يكون حجم الخسارة كبيراً لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فإذا ما سئل الموظف غير المثقف بفكر المصرفية الإسلامية عن طبيعة عمل المصرف الذي يعمل به فإما أن يعطي معلومات غير صحيحة فيكون مثله كمثل من يدعو إلى الله على جهل فيفسد أكثر مما يصلح ويكون ضرره أكثر من نفعه ، وإما أن يضعف عن الجواب، ويصبح عرضة للاختراق من قبل السائل وربما تسلل الشك إلى قلبه ونفسه في مشروعية عمل هذه المصارف والعمل بها فيحصل ما لا تحمد عقباه وخاصة إذا ساد هذا الشعور لدى معظم الموظفين فتصبح المصارف مهزومة من الداخل لأن أمثال هؤلاء الموظفين يضعفون المصارف، ويكونون حجر عثرة أمام تقدمها وازدهارها.
  2. إعداد النشرات الخاصة بأعمال المصارف الإسلامية وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من الأفراد والمؤسسات وخاصة العاملين في قطاع الاقتصاد الذين تتطلب طبيعة عملهم التعامل مع المصارف الإسلامية. 
  3.  تقديم المحاضرات الخاصة بالمصرفية الإسلامية من الناحيتين النظرية والعملية في مؤسسات القطاعين العام والخاص بناء على طلب تلك المؤسسات.
  4. رعاية الندوات والمؤتمرات الخاصة بالمصرفية الإسلامية وعلى المستويين المحلي والعالمي، وتوسيع دائرة الدعوة لهذه الندوات والمؤتمرات لإتاحة فرصة الحضور لأكبر عدد من المهتمين بقضايا المصارف الإسلامية، وتغطية تلك الندوات والمؤتمرات إعلامياً وطباعـــــة ونشر ما يلقى فيها من أبحــــــاث.
  5. استثمار وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة للتعريف بالمصارف الإسلامية من خلال نشر المقالات والإعلانات الخاصة، ورعاية البرامج الهادفة التي يشارك فيها المتخصصون في المصرفية الإسلاميــــــــة .
سابعا: تسويــــــــق منتجات المصارف الاسلامية
 
ان من أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح المصرفية الإسلامية تسويق منتجات وخدمات  المصارف الإسلامية من خلال الشباب الذين لديهم القدرة على إقناع الآخرين بفكر المصرفية الاسلامية والتركيز على الفروق الجوهرية بين منتجات المصارف الإسلامية ومنتجات المصارف الربوية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتعاملين مع المصارف الاسلامية
 
والحرص على تدريب هؤلاء الشباب  وتأهيلهم في فن التسويق  لزيادة معرفتهم  إلى مستوى الاحتراف وتمييز العاملين في مجال التسويق ، بحيث يكون للعاملين بهذه الدوائر سلَّم رواتب خاص ومكافآت تشجيعية خاصة ، وفق تعرفه تحفيزية تُوجِد بينهم جوّاً تنافسياً ينعكس بالمزيد من الإنتاج على تلك المصارف.
 
ثامنا: التعاون مع المصارف الإسلامية
 
إن الأصل في العلاقة بين المصارف الإسلامية أن تكون علاقة تكاملية ، لأنها مؤسسات مالية تجمعها وحدة الفكرة والأهداف والأسس ، والوسائل ، والأمل معقود عليها في إيجاد نظام مصرفي محتذى منبثق من روح الشريعة الإسلامية ومبادئها ومتفق مع أحكامها ومقاصدها
 
ولكن مع شديد الأسف فإن الصفة الغالبة على العلاقة بين المصارف الإسلامية المنافسة المادية البغيضة التي تجعل جل هم إدارة المصرف تحقيق أكبر قدر من الأرباح لكسب رضا المساهمين ، ولو على  حساب الطعن في المصارف الإسلامية الشقيقة في السوق الواحدة .
 
ومما لا شك فيه أن التعاون على الخير سبب مباشر من أسباب القــــــوة على الصعيدين الفردي والجماعــــي من المنظـــــــور الشرعي ، ويساهم التعاون بين المصارف الاسلامية في المجالات التالية  بتقـــــدمها  وازدهـــــارها :
          أ‌-          التعاون في مجال التدريب وإعداد البحوث والدراسات الخاصة بالمصرفية الإسلامية ، حيث تقوم بعض المصارف الإسلامية إسهاما منها في نشر الوعي المصرفي الإسلامي بتدريب العاملين في المصارف الإسلامية الأخرى وخاصة المصارف جديدة التأسيس ، وإعداد البحوث الخاصة بالدراسات المصرفية الإسلامية وعقد المؤتمرات والندوات الخاصة بأعمال المصارف الإسلامية .
        ب‌-         التعاون في مجال التمويل المشترك للمشاريع التي يتطلب تمويلها مبالغ مالية عالية تفوق الإمكانيات المالية لكل مصرف على حدة .
        ت‌-         التعاون في مجال الاستثمار بحيث تقوم المصارف التي يتوفر لديها فائض في السيولة في حساب الودائع الاستثمارية باستثمارها من خلال الحقيبة الاستثمارية للمصارف الإسلامية الكبيرة ذات الخبرة والمجال الواسع في الاستثمار ، أو شراء حصة من أسهمها المتداولة بحيث يصبح المصرف مساهماً في ذلك المصرف ، يضاف إلى ذلك تعاون المصارف على إنشاء شركات استثمارية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية
        ث‌-         التعاون في مجال التأسيس ، بحيث تقوم المصارف الكبيرة بالمساهمة في رأس مال المصارف الحديثة.
هذا وبالله التوفيق