أحكام دفن الميت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين

دفن الميت فرض كفاية؛فيسن إذا صلي على الميت أن يبادر بدفنه، ولا ينتظر به حضور أحد الا الولي فانه ينتظر مالم يخش عليه التغير، فان خيف تغيره لم ينتظر، لأن مراعاة صيانة الميت أهم من حضور الولي.

ويجوز الدفن في البيت، وفي معنى البيت البستان وغيره من المواضع التي ليست فيها مقابر. والدفن في المقابر أفضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى بالبقيع ولأنه يكثر الدعاء له ممن يزوره. وحديث الدفن بالبقيع صحيح.

 ويستحب أن يدفن في أفضل مقبرة، لأن عمر رضي الله عنه استاذن عائشة رضي الله عنها أن يدفن مع صاحبيه. رواه البخاري وغيره.

 ويستحب أن يجمع الأقارب في موضع واحد، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ((ترك عند رأس عثمان بن مظعون صخرة، وقال: أتعلم بها قبر أخي لأدفن اليه من مات من أهلي)).بإسناد حسن

ولايجوز أن يدفن في قبر واحد اثنان ((لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في كل قبر إلا واحدا)) فان دعت الى ذلك ضرورة بأن كثر القتلى أو الموتى في وباء أو هدم وغرق أو غير ذلك وعسر دفن كل واحد في قبر فيجوز دفن الإثنين والثلاثة وأكثر في قبر، بحسب الضرورة، وحينئذ يقدم في القبر أفضلهم الى القبلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع الإثنين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهما كان أكثر اخذاً للقرآن، فإذا أشير الى أحدهما قدّمه الى اللحد.

ويحرم أن يدفن ميت في موضع ميت حتى يبلى الأول، بحيث لايبقى منه لالحم ولا عظم، ويرجع في مدة البلي الى أهل الخبرة بتلك الأرض،ويستدام المنع مهما بقي من الميت شيء من لحم أو عظم، فاذا بلى ولم يبق عظم، بل انمحق جسمه وعظمه وصار ترابا، فيجوز بعد ذلك الدفن في موضعه.

ولايجوز أن يدفن مسلم في مقبرة كفار، ولا كافر في مقبرة مسلمين؛ولو ماتت ذمّية حامل بمسلم ومات جنينها في جوفها فإنها تدفن على طرف مقابر المسلمين، وكذا اذا اختلط موتى المسلمين والمشركين.

وإذا مات مسلم في البحر ومعه رفقة، فان كان بقرب الساحل وأمكنهم الخروج به الى الساحل، وجب عليهم الخروج به، وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، فان لم يمكنهم لبعدهم من الساحل أو لخوف عدو،أو غير ذلك لم يجب الدفن في الساحل، بل يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه، ثم يجعل بين لوحين ويلقى في البحر ليلقيه الى الساحل فلعله يصادفه من يدفنه.فإنكان أهل الساحل كفاراً جعل بين لوحين وألقي في البحر.

ويحرم دفن الميت قبل الصلاة عليه، وإذا دفن من غير صلاة يأثم من دفنوه، لأن تقديم الصلاة على الدفن واجب، ولا ينبش بل يصلى على القبر لأن نبشه انتهاك له والصلاة على القبر تجزئة.

أما إذا دفن الى غير القبلة فيجب نبشه وتوجيهه الى القبلة إن لم يتغيرلأن الدفن الى القبلة واجب، وإن تغير فلا ينبش.

أما إذا دفن بلا تكفين فلاينبش، لأن المقصود ستره، وقد حصل، ولأن في نبشه هتكا لحرمته.

وإذا حضر بعد الصلاة عليه وقبل دفنه أو بعد دفنه انسان لم يكن صلى الله عليه أو جماعة صلوا عليه، وكانت صلاتهم فرض كفاية، ويستدل على ذلك بحديث أبي هريرة ((أن امرأة سوداء أو رجلا كان يقم المسجد ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقالوا: مات فقال: أفلا آذنتموني به؟ دلوني على قبره فدلوه فصلى عليه)) رواه البخاري ومسلم

ويجوزأن يصلى عليه في بلد آخر من لم يحضر الصلاة عليه بعد التأكد من دفنه.

ولايكره الدفن ليلالما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (( مر بقبر دفن ليلاً فقال : متى دفن هذا ؟ فقالوا البارحة قال أفلا أذنتموني ؟ قالوا دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك ، فصلى عليه )) رواه البخاري .

وعن عائشة رضي الله عنها ((أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يتوف حتى أمسى ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح)) رواه البخاري.

ودفنت عائشة وفاطمة وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم ليلا، فلم ينكر ذلك أحد من الصحابة.ولا يكره الدفن في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها.

هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين.