الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.
إن شركات التامين الإسلامية ليست على شاكلة واحدة من حيث الصيغة الشرعية المعتمدة لإدارة أعمال التأمين، واستثمار المتوفر من أقساط التأمين، فلكل شركة طريقتها الخاصة بذلك وفقاً لتوجيهات هيئة الرقابة الشرعية الخاصة بكل شركة. ومن خلال البحث والدراسة لصيغ التأمين التي تمارسها شركات التامين الإسلامية تبين لي أن أهم تلك الصيغ ما يلي:
الصيغة الأولى: إدارة العمليات التأمينية، واستثمار أقساط التأمين على أساسه عقد المضاربة.
وبموجب هذه الصيغة تقوم الشركة بدور المضارب بينما يقوم المستأمنون (حملة الوثائق) بدور صاحب المال، و يقتسم الطرفان الأرباح المتحققة من الاستثمارات المشروعة للأقساط، والفائض الناتج من عمليات التأمين حسب النسبة المحددة بينهما. وفي حالة الخسارة يتحمل المستأمنون الخسائر مقابل أن تقدم الشركة قروضاً حسنة لصندوق التأمين التعاوني في حالة وجود عجز مالي فيه.
وتمارس هذه الصيغة في كل من شركة التكافل الماليزية، والشركة الوطنية للتكافل بماليزيا. وتبنت الفكرة أيضاً شركة التكافل التابعة لبنك الجزيرة في المملكة العربية السعودية في بداية تأسيسها إلا أن هيئة الرقابة الشرعية لبنك الجزيرة لم توافق على عقد المضاربة كأساس لإدارة أعمال التأمين واستثمار الأقساط، لأنه يقوم على أساس توزيع الأرباح والفائض التأميني بين الشركة التي تمثل المساهمين وبين المستأمنين (حملة الوثائق) وفي ذلك مخالفة شرعية لأن الفائض التأميني حق خالص للمستأمنين، وتبنت الشركة بعد ذلك الصيغة الثانية.
الصيغة الثانية: إدارة العمليات التأمينية، واستثمار أقساط التأمين على أساس الوكالة بأجر معلوم
حيث تقوم الشركة بدور الوكيل عن المستأمنين (حملة الوثائق) في إدارة عمليات التأمين، واستثمار الأقساط مقابل أجر معلوم.
وتمارس هذه الصيغة من قبل شركة الإخلاص وشركة ما بيان للتكافل بماليزيا وشركة التكافل التابعة لبنك الجزيرة في المملكة العربية السعودية ولهذه الصيغة صورتان تطبيقيتان من حيث طريقة احتساب وأخذ الأجر المعلوم للوكالة.
الصورة الأولى: يؤخذ فيها الأجر المعلوم بصورة نسبة مئوية معينة من أرباح الاستثمار، والفائص التأميني وهذه الصورة مطبقة في شركة الإخلاص وشركة ما يبان بماليزيا.
الصورة الثانية: المطبقة في شركة التكافل التعاوني التابعة لبنك الجزيرة في المملكة العربية السعودية، حيث تتقاضى الشركة أجرة الوكالة بنسبة معينة من خلال ثلاث محافظ رئيسة – حسب ما هو مذكور في تقسيم أعمال الشركة – وهي:
- نسبة معينة كأجر وكالة من مجموع أقساط المشتركين، أي أن الشركة تستقطع نسبة معينة مثل 25% للشخص الواحد المشترك في برنامج التكافل التعاوني للفرد، و50% بالنسبة لبرنامج التكافل التعاوني الجماعي للشركات.
- نسبة معينة من صندوق أرباح الاستثمار، وتتمثل في ثلاثة أنواع من الأتعاب:
- أولاً: نسبة معينة من الرسوم مقابل الإدارة،
- ثانياً: نسبة معينة من الرسوم مقابل الحفظ،
- ثالثاً: نسبة معينة من الرسوم مقابل الأداء،
- وهناك نوع رابع وهو رسوم إضافية، باعتبار أن الشركة تقوم باستثمار الأموال في صناديق الاستثمار الإسلامي، وتتحمل الشركة جميع الإجراءات اللازمة بذلك.
- نسبة معينة من الفائص التأميني، كأجر أتعاب على ما تبذل شركة التكافل التعاوني ببنك الجزيرة، بعد موافقة هيئة الرقابة الشرعية بالبنك.
الصيغة الثالثة: إدارة العمليات التأمينية من قبل الشركة على أساس الوكالة بأجر معلوم، واستثمار المتوفر من أقساط التأمين على أساس عقد المضاربة.
أما بخصوص إدارة العمليات التأمينية فإن الشركة تقوم بذلك نيابة عن المشتركين مقابل نسبة مئوية من الأقساط المكتبية يتم تحديدها قبيب بداية كل سنة مالية.
وأما أقساط التأمين فتقوم الشركة باستثمار المتوفر منها على أساس عقد المضاربة بحيث تقوم الشركة بدور المضارب بينما يقوم المستأمنون بدور صاحب المال مقابل حصة شائعة من أرباح تلك الاستثمارات تكون بصورة نسبة مئوية من أجمالي الأرباح المتحققة يتم تحديدها قبيل بداية السنة المالية.
ولا يشمل الأجر المعلوم للوكالة التي تدار على أساسها العمليات التأمينية أخذ شيء من الفائض التأميني المتحصل في صندوق التأمين التعاوني الخاص بالمستأمنين، لأن الفائض التأميني حق خاص بهم.
وتطبق هذه الصيغة في شركة التأمين الإسلامية في الأردن حيث تنص فقرة التأمين التعاوني التي تشتمل عليها وثائق التأمين على ذلك وكما يلي:
فقرة التأمين التعاوني:
"يعتبر قبول حامل هذه الوثيقة، التعامل مع الشركة موافقة صريحة منه على مشاركته غيره من حملة الوثائق على أساس تعاوني، واعتبارها وكيلاً عنه بأجر معلوم لإدارة عمليات التأمين، واعتبار الشركة مديراً لاستثمار الأموال المتوفرة في حساب حملة الوثائق على أساس عقد المضاربة نظير حصة شائعة لها من أرباح تلك الاستثمارات بصفتها مضارباً.
مع العلم بأن نسبة الأجر المعلوم من إجمالي الاشتراكات (الأقساط) وكذلك حصة الشركة باعتبارها مضارباً من أرباح الاستثمار تُحدد في إعلان عام يتم في مركز الشركة وفروعها قُبيل بداية كل سنة مالية.
ويتم توزيع الفائض الذي يتحقق في حساب عمليات التأمين لدى الشركة، بعد خصم ما يلزم من مخصصات واحتياطيات وفق الآلية التي تقرها هيئة الرقابة الشرعية وبموجب التعليمات التي يصدرها مجلس الإدارة.
كما تطبق هذه الصيغة أيضاً في شركات التأمين الإسلامية في بقية البلاد الشامية في كل من سوريا ولبنان وفلسطين، ومعظم شركات التأمين الإسلامية في دول الخليج العربي".
الصيغة الرابعة: إدارة العمليات التأمينية للمستأمنين من قبل شركة التأمين المملوكة للمساهمين على أساس الوكالة بغير أجر واستثمار الأموال على أساس المضاربة. ولها صورتان:
الصورة الأولى: حيث تتولى الشركة إدارة العمليات التأمينية نيابة عن المشتركين، ولكنها لا تحصل على مقابل مالي لإدارة أعمال التأمين. ولا تستحق شيئاً من الفائض التأميني الذي يرجع كله لحقوق المستأمنين.
وهناك طريقتان لاستثمار الأموال:
- الأولى: أن يقوم بالاستثمار المستأمنون لما يزيد من أقساط التأمين التي يملكوها، وكذلك لرأس مال المساهمين على أساس المضاربة بحيث يكون الربح بينهم وبين المساهمين حصة شائعة تحدد بصورة نسبة مئوية عند تحقق الأرباح واقتسامها.
- الثانية: أن يقوم بالاستثمار المساهمون للجزء المخصص لذلك من رأس المال المملوك لهم، وكذلك ما يزيد من الأقساط والاحتياطيات النفنية الخاصة بالمستأمنين على أساس المضاربة واقتسام الأرباح على النحو المبين في الطريقة الأولى. ويجري العمل بهذه الصورة في بعض شركات التأمين في جمهورية السودان التي كانت مسجلة في سوق التأمين السوداني كشركات تأمين تجاري حتى عام 1983 ثم أخضعت لتعمل بمقتضى التأمين التعاوني تمشياً مع أسلمة جميع شركات التأمين في السودان
وتستثمر الشركة أموال هيئة المشتركين على أساس المضاربة بحيث تكون حصة الشركة نسبة مئوية من الأرباح المتحققة . فقد كانت النسبة المئوية لحصتها من الأرباح عام 2004م 50% في حين زادت في عام 2005م لتصل إلى 70%.
الصيغة الخامسة: المعروفة بالتعاونية البحتة حيث تكون الشركة مملوكة في الأصل للمستأمنين، ويتولى إدارة أعمال التأمين واستثمار الأموال فئة منهم.
وفي هذه الصيغة يستأثر المستأمنون بأرباح استثمار الأقساط المدفوع.وبالفائض التأميني، بعد دفع المطالبات،
ويقوم المستأمنون أيضاً بدور المضارب بأموال غيرهم من أصحاب صكوك المقارضة التي تصدرها المؤسسة التعاونية.
ويجري العمل بهذه الصيغة في جميع شركات التأمين الإسلامية التي أسست لتعمل بمقتضى التأمين التعاوني في جمهورية السودان بعد عام 1983م.
ويطلق الأمين العام للهيئة العليا للرقابة الشرعية عليها مصطلح: الصورة المثلى لإدارة شركات التأمين الإسلامية التي تظهر العملية التعاونية بصورة واضحة.
هذا وبالله التوفيق