مكانة العمرة في الإسلام
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.
العمرة مشروعة بالقرآن
والسنة. أما من القرآن، فقوله تباركوتعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ
لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا
تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَنْ كَانَ
مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ
صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى
الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ
كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [ البقرة: ١٩٦].
قال ابن عباس: إنها
لقرينتها في كتاب الله. ومراده: أن العمرة قرينة فريضة الحج في قولهتبارك وتعالى:
﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ ﴾ [ البقرة: ١٩٦].
وحكم العمرة محل اجتهاد
عند أهل العلم ؛فهي
واجبة كالحج، عند الشافعية والحنابلة.
ويشهد لذلك ، ما رواه
أصحاب السنن، عن أبي رزينلعقيلي رضي الله عنه، أنه قال: قلت: يا رسول الله: إن أبي
شيخكبير، لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن. قال: ((حج عن أبيك واعتمر))(١).
قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا.
وما رواه البخاري، عن ابن
عمر رضي الله عنهما، أنه قال: ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة(٢).
وذهب الحنفية والمالكية
إلى القول بسنية العمرة، أخذا بما رواه جابر رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ سئل عن
العمرة: أواجبة هي؟ قال: ((لا، وأن تعتمروا هو أفضل)). وهو خبر مختلف في صحته، فمن
علماء الحديث من حكم بصحته، وأكثرهم حكم بضعفه(3).
وقد اعتمر النبي ﷺ أربع
عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه الترمذي
والنسائي بسند صحيح، انظر: صحيح الجامع، حديث رقم/ ٣١٢٧.
(٢)
انظر: التاج الجامع للأصول ٢/ ١٥٩.
(٣)
انظر: التاج الجامع للأصول ٢/ ١٥٩.
فضائل العمرة: زيادة الحسنات، وتكفير
السيئات، ورفع الدرجات، وتحقيق السعادة في الحياة الدنيا وبعد الممات.
فعن عبدالله رضي الله
عنه، عن النبي ﷺ ، قال: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر الذنوب،
كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب
والفضة))(1).
وعن أبي هريرة رضي الله
عنه، عن النبي ﷺ ، قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما))(٢)
وقال عليه الصلاة
والسلام: ((الحجّاج والعمّار وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهما))(٣)
وقت العمرة:
ليس للعمرة وقت محدد،
فتصح في كل ايام العام. وفعلها في رمضان أفضل، لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما،
أن النبي ﷺ قال: ((عمرة في رمضان تعدل حجة))(٤).
حكم تكرار العمرة:
ويجوز تكرار العمرة مرارا
في السنة أو الشهر أو الجمعة أو اليوم، لأن عائشة رضي الله عنها اعتمرت في شهر
مرتين، بأمر من النبي ﷺ عمرة مع قرانها، وعمرة بعد حجها.
ولأن النبي ﷺ قال:
((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما))، ولم يحدد عليه الصلاة والسلام فاصلا
زمنيا بين العمرتين حال تكرارهما، فبقي الأمر على السنية والإباحة.
وعدم تكرار النبي ﷺ
للعمرة ليس حجة ولا دليلا على عدم جواز تكرارها، كما يفتي بذلك بعض المفتين، وهم
بذلك يفوتون على من يأخذ بفتواهم أجرا عظيما، وخاصة أولئك الذين قد لا يتيسر لهم
سبيل الوصول إلى بيت الله الحرام ثانية. والله تبارك وتعالى أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه الترمذي بسند
صحيح. انظر: التاج الجامع للأصول ٢/ ١٠٧ .
(٢)
أخرجه الشيخان. انظر: التاج الجامع للأصول 2/106 .
(٣)
أخرجه البزار بسند حسن، انظر: صحيح الجامع، حديث رقم/ ٣١٧٣.
(٤)
متفق عليه، انظر: صحيح الجامع حديث رقم/ ٤٠٩٧ .
ميقات العمرة:
المعتمرون فريقان: فريق يقدم إلى مكة من
الآفاق، (وهي الأماكن التي تقع خارج المواقيت التي حددها رسول ﷺ)، فميقات هؤلاء من
تلك المواقيت للقادمين برا أو بحرا أو جوا.
والفريق الآخر، وهم من كان في مكة من أهلها أو من غير
أهلها، فلا بد لصحة إحرامه بالعمرة أن يخرج خارج الحرم المكي، بحيث يصل إلى منطقة
الحل، ليجمع في عمرته بين الحل والحرم، كالحاج، حيث يجمع في حجه بين الحل والحرم
في وقوفه بعرفة، لأنها من الحل.
أركان العمرة:
أركان العمرة أربعة، هي: الإحرام وهو نية العمرة، بأن
يقول المعتمر: نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى عن نفسي، ثم يصلي ركعتي سنة
الإحرام ويلبي. والطواف بالبيت سعيا، والسعي بين الصفا والمروة سبعا، والحلق أو
التقصير للرجال، أما المرأة فتقصر ولا تحلق. والله تبارك وتعالى أعلم.
هذا وبالله
التوفيق والحمد لله رب العالمين.