حكم الركوع في الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأناموعلى آله وصحبه الكرام

الركوع ركن من أركان الصلاة  لقول الله تبارك وتعالى : (( اركعوا واسجدوا )) ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته (( ثم أركع حتى تطمئن راكعاً )) . مع قوله صلى الله عليه وسلم (( صلوا كما رأيتموني أصلي )).

وأقله للمصلي قائما أن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما ، فإن لم يقدر انحنى القدر الممكن فان عجز أومأ بطرفه من قيام .

أما ركوع المصلي قاعداً فأقله أن ينحني بحيث يحاذي وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض ، وأكمله أن ينحني بحيث تحاذي جبهته موضع سجوده ، فان عجز عن هذا القدر لعلة بظهره ونحوها فعل الممكن من الإنحناء .

وأكمل الركوع في الهيئة أن ينحني بحيث يمد ظهره وعنقه ولا يخفض ظهره عن عنقه ولا يرفعه ، وينصب ساقيه ولا يثني ركبتيه .

وتجب الطمأنينة في الركوع وأقلها أن يمكث في هيئة الركوع حتى تستقر أعضاؤه وتنفصل حركة هوية عن ارتفاعه من الركوع ، لحديث (( المسيء صلاته )).

 والسنة أن يقول : سبحان ربي العظيم ثلاثاً ، وذلك أدنى الكمال . ويستحب للمنفرد أن يزيد على ثلاث تسبيحات. واذا كان اماما يستحب أن لا يزيد على ثلاث ، الا أن يرضي المأمومون بالتطويل ، ويكونوا محصورين لا يزيدون ، ولو سبح مره حصل التسبيح .

 ويسن أن يكبر للركوع لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان اذا قام الى الصلاة يكبر حين يقوم وحين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها )). رواه البخاري ومسلم .

ويسن رفع اليدين حذو المنكبين للركوع وللرفع منه ، وفي تكبيرة الإحرام لكل مصل من قائم وقاعد ومضطجع وامرأة وصبي ومفترض ومتنقل ، ويكون ابتداء رفعه وهو قائم مع ابتداء التكبير.

ويسن للإمام الجهر بتكبيرات الصلاة كلها ، وبقوله ( سمع الله لمن حمده ) ليعلم المأمومون انتقاله ، فان كان ضعيف الصوت لمرض وغيره فالسنة أن يجهر المؤذن أو غيره من المأمومين جهراً يسمع الناس .

 ودليله من السنة حديث سعيد بن الحارث قال (( صلى بنا أبوسعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود وحين سجد وحين رفع وحين قام من الركعتين حتى قضى صلاته على ذلك وقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يصلي )).

 وعن جابر رضي الله عنه قال (( اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه يسمع الناس تكبيره )) رواه مسلم.

ثم يرفع رأسه ، ويستحب أن يقول : سمع الله لمن حمده ، ويستحب أن يرفع يديه حذو منكبيه في الرفع .

فاذا استوى قائما استحب أن يقول : ربنا لك الحمد ملء السموات ، وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد ، كلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان اذا رفع رأسه من الركوع قال ذلك )) .

ويجب أن يطمئن قائماً لأن الاعتدال من الركوع ركن من أركان الصلاة لا تصح الا به . والاعتدال الواجب هو أن يعود بعد ركوعه الى الهيئة التي كان عليها قبل الركوع سواء صلى قائماً أو قاعداً .

 لما روى رفاعة بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اذا قام احدكم الى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله تعالى – الى أن قال – ثم ليركع حتى يطمئن راكعاً ؛ ثم ليقم حتى يطمئن قائما ثم ليسجد حتى يطمئن ساجداً )) ). حديث صحيح

وأكمله أن يرفع يديه حذو منكبيه ، ويكون ابتداء رفعهما مع ابتداء الرفع .فاذا اعتدل قائماً حط يديه والسنة أن يقول في حال ارتفاعه : سمع الله لمن حمده .فإذا استوى قال :((ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد : لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) .

ويستوي في استحباب هذه الأذكار كلها الإمام والمأموم والمنفرد ، فيجمع كل واحد منهم بين قوله سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد الى آخره ) وإنما يأتي الإمام بهذا كله اذا رضي المأمومون بالتطويل وكانوا محصورين ، فان لم يكن كذلك اقتصر على قوله : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد .

والتسبيح وسائر الأذكار في الركوع والسجود ، وقول : سمع الله لمن حمده ، وربنا لك الحمد ، والتكبيرات غير تكبيرة الاحرام كل ذلك سنة ، فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة ، سواء تركة عمداً أو سهواً ، لكن يكره تركه عمداً.

والله تبارك وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين