الحكم الشرعي لنفقات خدمات القرض الحسن

 
مفهوم نفقات خدمات القرض الحسن
تعرف نفقات خدمات القرض الحسن بأنها :  المبالغ المالية التي يستحقها المقرض جبرا للنقص المتحقق في رأس ماله في الحالات التي تتطلب نفقات مالية لتقديم القرض للمستقرض واستيفائه منه.
وبيان ذلك أن القروض الحسنة تقسم من حيث الحاجة إلى نفقات إضافية لتقديم القرض للمقترض واستيفائه منه إلى قسمين :
القسم الأول : القروض الحسنة التي لا تتطلب نفقات إضافية وهي غالبا القروض الحسنة بين الأشخاص في البلد الواحد ، فلا تتطلب عمولات للحوالات المصرفية ، ولا أجور للأشخاص أو المباني أو الأجهزة  أو نحو ذلك.
القسم الثاني : القروض الحسنة التي تتطلب نفقات إضافية وهي غالبا القروض الحسنة التي تقدمها المؤسسات للأفراد والشركات والتي يتطلب تقديمها واستردادها إجراءات معينة وأدوات تنفيذ للمعاملة تتمثل بالأشخاص ، والمباني ، والأجهزة ، والأنظمة المحاسبية ، وأنظمة الحاسب الالكتروني ... وغيرها.
والنفقات التي تتطلبها القروض الحسنة المقدمة من المؤسسات منها نفقات مباشرة ومنها نفقات غير مباشرة.  أما النفقات المباشرة فتشمل : أجور الأشخاص الموظفين لغايات تقديم القروض الحسنة واستردادها ، وأجور المباني المستخدمة لتلك الغاية ، وأثمان الأجهزة المستعملة ، و المواد اللازمة لها ، والأثاث المكتبي في المكاتب المخصصة لتنفيذ المعاملة ، وكذلك النفقات التشغيلية للكهرباء والاتصالات ونحوها.
أما النفقات غير المباشرة  للمؤسسات التي تقدم القروض الحسنة فتشمل : المصروفات العمومية للمؤسسات التي لا تختص بقسم إدارة القروض الحسنة  كأجرة المبنى الكلي ، والرواتب الإجمالية لموظفيها ، وأجور وسائل النقل ونحو ذلك.
التأصيل الشرعي لنفقات القرض الحسن
الأصل في الحكم الشرعي لأي زيادة مشروطة على القرض الحسن أنها من الربا المحرم شرعا عملا بقول الله تبارك وتعالى :( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ).
فمقتضى العمل بالآية الكريمة أن يحتفظ المقرض برأس ماله كاملا غير منقوص وهذا يعني أن كل نفقة يتحملها في تقديم القرض للمستقرض واسترداده منه يجوز له أن يسترجعها و يضيفها إلى أصل المبلغ محل القرض بما يحفظ عليه رأس ماله.
ولأن الحديث النبوي الشريف جعل أي زيادة على القرض فائدة وربا محرم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من زاد أو استزاد فقد اربي )
 
ولأن عقد القرض هو عقد إرفاق شرع لصناعة المعروف والإحسان وابتغاء الأجر والثواب من الله تبرك وتعالى فلا يجوز أن يكون وسيلة للكسب والاسترباح.
 
وقد صدر بشان جواز أخذ المؤسسات المقرضة للنفقات أو التكاليف الفعلية لتقديم القروض الحسنة  واستردادها ما يلي :
  1. قرار مجمع الفقـــــه الإسلامي الدولي رقم (13 ) بشــــــــأن التكاليف الفعلية للقرض في دورتــــــــــه الثالثة جاء فيه : ( يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية. كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا.
  2. المعيار الشرعي رقم (19) القرض الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية حيث جاء فيه :
( يجوز للمؤسسة المقرضة أن تأخذ على خدمات القروض ما يعادل مصروفاتها الفعلية المباشرة ولا يجوز لها أخذ زيادة عليها وكل زيادة على المصروفات الفعلية محرمة. ويجب أن تتوخى الدقة في تحديد المصروفات الفعلية بحيث لا يؤدي إلى زيادة تؤول إلى فائدة .
لا تدخل فـــي المصروفات الفعليــــة على خدمــــات القروض المصروفات غير المباشرة مثـــــل رواتب الموظفين وأجــــور المكان والأثـــاث ووسائل النقل ونحوهـــا من المصروفات العمومية والإدارية ).
 
الضوابط والأحكام الشرعية لنفقات القرض الحسن
  1. أن تكون مقابل الخدمات الإدارية وليس مقابل القرض لأن أخذها مقابل القرض يعنى أنها زيادة مشروطة عليه فتكون من الربا المحرم قلت أو كثرت.
  2. أن لا تكون نسبة مرتبطة بمبلغ القرض تزيد بزيادته وتنقص بنقصانه ، لأن ارتباطها بمبلغ القرض أقوى مؤشر على أنها مأخوذة مقابل القرض وليس مقابل الخدمات الإدارية فتكون بذلك فائدة ربوية.
  3. أن يتم إعلام المقترضين بدواعي أخذ تلك النفقات ومجالات صرفها ، وأن يقر المقترض بأنه اطلع على عقد القرض الحسن وتفهم مضمونه ومحتواه ، ووافق عليه برضاه ، وأنه قد رضي بدفع ما يترتب عليه من نفقات تتطلبها عملية الإقراض ، وأنه متبرع بما يزيد منها عن النفقات الفعلية لحساب نفقات القرض الحسن الخاص بذلك ، لأن الغاية من تحصيل تلك المبالغ معالجة النقص المتحقق في رأس مال القروض الحسنة.
  4. أن ترصد المبالغ المالية المقبوضة مـــــن المقترضين بصفة نفقات خدمات القرض الحسن فــــــــي حساب مالي خاص بها ، ولا يجــوز أن تدخل في حساب القروض الحسنة ، ولا إيرادات المصرف
  5. أن يأخذ المصرف أو المؤسسة المقرضة من رصيد حساب نفقات خدمات القرض الحسن ما يساوي قيمة النفقات الفعلية التي تحملها حساب القروض الحسنة في كل عام.
  6. أن يجبر النقص المتحقق في الحساب المالي المخصص لنفقات خدمات القرض الحسن في أي عام من الحساب المالي للقروض الحسنة بصفة قرض حسن يتم رده من المبالغ المالية المأخوذة من المقترضين في العام التالي بصفته نفقات خدمات القرض الحسن .
  7. أن تنفذ عملية الإقراض بموجب عقد قرض حسن مقر من الهيئة الشرعية للمصرف. 
  8. أن تقر الضوابط والأحكام الشرعية لهذه النفقات من قبل الهيئة الشرعية للمصرف.
 
معايير وأسس تقدير النفقات الفعلية لخدمات القرض الحسن
 
  1. أن تكون في حدود  النفقات الفعلية المباشرة فتتناسب مع الجهد الذي يبذل ، والنفقات التي تصرف لتنفيذ المعاملة إعطاء وأخذا ، وأن لاتدخل في نفقات خدمات القروض الحسنة المصروفات غير المباشرة مثل رواتب الموظفين وأجور المكان والأثاث ووسائل النقل ونحوها من المصروفات العمومية والإدارية۔
  2. أن يتم تقدير النفقات الفعلية من قبل خبراء ماليين من ذوي الاختصاص في تقدير المصاريف والنفقات لكل نشاط من نشاطات المصرف ، لا يقل عددهم عن ثلاثة خبراء، وأن يكون التقدير قابلا للتغير زيادة أو نقصا بما يساوي تقريبا النفقات الفعلية.
  3.  أن تؤخذ النسبة التي يتم تقديرها على كامل مدة القرض وليس على أساس سنة واحدة .
  4. أن تكون مبلغا مقطوعا على كل معاملة إقراض ، بصرف النظر عن قيمة مبلغ القرض ، لأن الجهد المبذول في تنفيذ المعاملات متقارب ، ولا يتأثر بقيمة مبلغ القرض.
  5. أن يعاد احتساب التكاليف الإجمالية المباشرة لخدمات القروض الحسنة في نهاية السنة المالية ، وأن تقارن بالقيمة الافتراضية التي تم أخذها ، فتؤخذ النفقات الفعلية قلت أو كثرت فليس لتلك النفقات حدود قصوى ، لان ذلك يخضع لما يجري به العرف في كل بلد
                                                    هذا والله تبارك وتعالى أعلم