الفرق بين البيع لأجل والربا

 

الفرق بين البيع لأجل والربا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الطاهر الأمين.

إن كلاً من عقدي الربا والبيع لأجل فيه زيادة على رأس المال ، بسبب تأجيل التسديد ، وتسمى الزيادة الناتجة عن عقد البيع بالثمن المؤجل ربحاً ، وأما الزيادة الناتجة عن عقد الربا فتسمى فائدة ، والفرق بينهما ما يلي :

1.    أن الربح ناتج عن عقد صحيح شرعا يتقابل فيه الثمن من النقود بالسلعة ، وأما الفائدة فهي زيادة ناتجة عن عقد باطل شرعا يتقابل فيه النقد بجنسه مع الزيادة بسبب الأجل ، وقد نفى الله تبارك وتعالى المساواة في الحكم بين الزيادة الناتجة عن عقد مشروع والزيادة الناتجة عن عقد محرم ، فقال سبحانه وتعالى :   

(( ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا )) فالربح  مال حلال والفائدة مال حرام.

والعلة في تحريم الربا وتحليل البيع تعبدية غير معقولة المعنى فالأمر أمر الله تبارك وتعالى وليس لأحد من خلقه أن يعترض على حكمه ولا أن يخالف أمره ، والواجب على العباد طاعته سبحانه والتسليم لحكمه .

2. أن رأس المال في البيع يتضمن مخاطرة تتمثل بتغير الأسعار وكساد السلع وظهور العيب وتلف المبيع أو هلاكه .

وأما رأس المال في الربا فلا مخاطرة فيه بل هو دين مضمون في ذمة المقترض ، يجب رده مع الزيادة المشروطة وهو ما يعرف بالفائدة .

3. أن الزيادة في عقد الربا متجددة فكلما عجز المدين عن السداد تجددت الزيادة وهو ما يعرف بغرامات التأخير ، أما في البيع لأجل فإن الثمن المحدد للمبيع يستقر في الذمة ولا يجوز أن يزاد على المدين في حالة تأخره عن السداد .

4. أن الربح نوع من نماء المال الناتج عن استخدامه في النشاط الاستثماري ملحوظ فيه عنصر تقليب رأس المال من حال الى حال كما هو الحال عند الإتجار بالمال حيث تصبح النقود عروضاً ثم تعود نقوداً أكثر بالربح أو أقل بالخسارة.

أما الفائدة فإنها حاصلة بشكل يزداد فيه المال بنفسه  حيث إن الزيادة فيه ناتجة عن الفرق بين الزمن الحال والزمن المؤجل لاستيفاء المال المقرض .

فالدين في ذمة المدين ( المال المقرض بالفائدة ) لا يتحول ولا يجري عليه بيع ولا شراء بل يبدأ ديناً ويأخذ في الزيادة بحسب الشرط المتفق عليه فهي زيادة على عين المال بلا مقابل .

ويشهد لهذا التفريق بين البيع بالثمن المؤجل والربا قول الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرما الربا ) حيث قال : (( ... يعني وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع وحرم الربا يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الأجل وتأخيره دينه عليه . ويقول عز وجل : فليست الزيادتان اللتان أحدهما من وجه البيع والأخرى من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل ( أي الربا ) سواء ً وذلك أني حرمت إحدى الزيادتين وهي التي من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل ، وأحللت الأخرى منهما وهي التي من وجه الزيادة على رأس المال الذي ابتاع به البائع سلعته التي يبيعها ، فيستفضل فضلها فقال الله عز وجل : ليست الزيادة من وجهة البيع نظير الزيادة من وجه الربا ، لأني أحللت البيع وحرمت الربا ، والأمر أمري والخلق خلقي أقضي فيهم ما أشاء ، وأستعبدهم بما أريد ، ليس لأحد منهم أن يعترض في حكمي ولا أن يخالف أمري ، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي )).

هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين