التخلص من المال الحرام

 

 

التخلص من المال الحرام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ورسولنا محمد الطاهر الأمين

 

المال الحرام هو : كل ما حرم الشرع على المسلم اكتسابه وتملكه .وأهم صوره ما يأتي :-

الاولى : أن يؤخذ من مالكه بغير وجه مشروع , كالمال المأخوذ ظلما , او سرقة , او خيانة او احتيالا , ونحو ذلك لقول الله تبارك وتعالى , " يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل " سورة النساء , الآية /29

 

ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه "رواه ابو داود بإسناد صحيح, انظر : صحيح الجامع الصغير , حديث/7662

 

الثانية : أن يكون اكتسابه بعقد محرم ويدخل في ذلك الفوائد الربوية  ،وثمن ما يحرم بيعه كالخمر والمخدرات ولحم الخنزير , وأجرة العمل في المؤسسات التي يكون محور عملها حراما كالبنوك الربوية, وعوائد القمار , ونحو ذلك .

الثالثة : أن يكون مقابل فعل محرم : ويدخل في ذلك الرشوة وما يدفع للساحر , والكاهن , والزانية , والمغني , والنائحة , ومقدم الخمر , وصانع التماثيل , ونحو ذلك .

وكما يحرم دفع المال مقابل الفعل المحرم يحرم اخذه لان ما حرم اخذه حرم اعطاؤه.

كيفية التخلص من المال الحرام .

من المقرر شرعا ان المال الحرام لا يملك , فكل مال مكتسب بطريق محرم لا يدخل في ملك المسلم وسبيل التخلص منه كما يلي :-

أ-المال الحرام الذي يؤخذ من مالكه بغير وجه مشروع يجب أن يرد الى مالكه الذي اخذ منه اذا كان ذلك ممكنا ,فاذا تعذر الرد بسبب العجز عن معرفة مالكه , او صعوبة ايصال المال اليه يجب رده الى ورثته الشرعيين فان لم يكن له وارث او كان له ولكن لايمكن ايصال المال اليه صرف صدقه عن صاحبه في وجوه الخير للفقراء والمساكين ومصالح المسلمين العامة كالمساجد ودور القران والمقابر ونحو ذلك.

ب- المال المكتسب بعقد محرم او مقابل فعل محرم يدفع الى مصرفه الشرعي من الفقراء والمساكين او المصالح العامة للمسلمين وهو ما يعرف بوجود الخير .

 

ويستدل على ذلك بالخبر والأثر والقياس .

أما الخبر : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتصدق بالشاه المصلية التي قدمت إليه فكلمته بأنها حرام فقال صلى الله عليه وسلم : (( أطعموها الأسارى )) رواه أحمد بإسناد جيد

 

وأما الأثر: فإن أبن مسعود رضي الله عنه اشترى جارية ، فلم يظفر بمالكها لينقده الثمن ، فطلبه كثيراً فلم يجده ، فتصدق بالثمن وقال : اللهم هذا عنه إن رضي ، وإلا فالأجر لي .

وسئل الحسن رضي الله عنه عن توبة الغال – من يأخذ من مال الغنيمة قبل أن يقسم – وما يؤخذ منه بعد تفرق الجيش،فقال : يتصدق به .

 

ولا يسمى صدقة لان الصدقة قربة من القربات، ولا تصح الا من مال حلال لان الله تبارك وتعالى طيب لا يقبل الا طيبا .

ويثاب المسلم على التخلص من المال الحرام ولكن ليس كثواب الصدقة . لان الثواب كما يحصل بفعل الطاعات يحصل ايضا بترك المحرمات ويشهد لذلك حديث السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله , ومنهم الرجل الذي دعته امراه ذات منصب وجمال ( للزنا ) فقال اني اخاف الله , فتحصل له الثواب بسبب ترك الحرام كما تحصل لبقية السبعة بفعل الحلال .

فهذا المال خبيث بالنسبة لمن اكتسبه من غير حله ، ولكنه طيب بالنسبة للفقراء وجهات الخير .فالمال لا يخبث في ذاته ، إنما يخبث بالنسبة لشخص معين لسبب معين .

ولا يجوز ترك الفوائد الربوية للبنوك لأن في ذلك اعانة لها على ما هي عليه من الحرام والاعانة على المعصية معصية , فينبغي اخذ تلك الفوائد وصرفها في مصرفها الشرعي . وقد صدر ذلك عن أكثر من مؤتمر للعلماء المتخصصين بالقضايا المالية  .

 

كما لايجوز الانتفاع بشيء من المال الحرام المتحصل بعقد محرم او مقابل فعل محرم انتفاعا شخصيا باي وجه من الوجوه فيحرم ان يشتري به شيئا او يدفعه ضريبة او قضاء لدين ونحو ذلك كما لا يجوز ان ينتفع منه اي شخص تجب نفقته على من تحصل له المال الحرام كوالديه , وزوجته, واولاده , وخادمه .

 

هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين