مفهوم ومشروعية الصكوك الإسلامية

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ورسولنا محمد الطاهر الأمين
أولا : مفهوم الصكوك ومشروعيتها وأهميتها الاقتصادية
الصكوك لغة جمع صك وهو : وثيقة اعتراف بالمال المقبوض أو نحوه , أي وثيقة تثبت حقاً في ملك .
والصكوك اصطلاحا : وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو نشاط استثماري معين , وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك , وانتهاء الاكتتاب , وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله .
 
فالصكوك صيغ استثمار تم تطويرها من قبل المتخصصين لكي توفر الجانب التمويلي المهم للمؤسسات المالية الإسلامية , وهي متنوعة وتناسب معظم أوجه النشاط التجاري والاستثماري وصكوك .
 
وهو : تحويل مجموعة من الأصول المدرة للدخل غير السائلة إلى صكوك قابلة للتداول مضمونة بهذه الأصول , يتم بيعها في الأسواق المالية مع مراعاة ضوابط التداول .
 ثانيا : مشروعية الصكوك الإسلامية
لقد أجاز المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الصكوك بكافة أنواعها ، والمعيار الشرعي رقم (17) صدر بهذا الخصوص، ومستند جواز ذلك، أن الصك يصدر على أساس عقد من العقود الشرعية،وعليه فإن إصدار الصكوك على أساس أي منها جائز شرعا، كما أجازها مجمع بحوث الأدوات المالية الإسلامية التابع لهيئة الأوراق المالية الماليزية.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي القرار التالي في مشروعية الصكوك الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين
قرار رقم : 178(4/19)
بشأن الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26 -30 نيسان إبريل 2009م ، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يأتي:
 
المقصود بالتوريق، والتصكيك
 
التوريق التقليدي تحويل الديون إلى أوراق مالية (سندات) متساوية القيمة قابلة للتداول، وهذه السندات تمثل ديناً بفائدة لحاملها في ذمة مصدرها ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعاً.
 
أما التصكيك (التوريق الإسلامي) فهو إصدار وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أعيان أو منافع أو حقوق أو خليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون) قائمة فعلاً أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه.
 
خصائص الصكوك
  1.  يمثل الصك حصة شائعة في ملكية حقيقية
  2. يصدر الصك على أساس عقد شرعي، ويأخذ أحكامه
  3. انتفاء ضمان المدير (المضارب أو الوكيل أو الشريك المدير.
  4. أن تشترك الصكوك في استحقاق الربح بالنسبة المحددة وتحمّل الخسارة بقدر الحصة التي يمثلها الصك، ويمنع حصول صاحبه على نسبة محددة مسبقاً من قيمته الاسمية أو على مبلـــــــغ مقطوع.
  5. تحمل مخاطر الاستثمار كاملة.
  6. تحمل الأعباء والتبعات المترتبة على ملكية الموجودات الممثلة في الصك، سواء كانت الأعباء مصاريف استثمارية أو هبوطاً في القيمة، أو مصروفات الصيانة، أو اشتراكات التأمين.
أحكام الصكوك
  1. لا يجوز أن يتعهد مدير الصكوك بإقراض حملة الصكوك أو بالتبرع عند نقص الربح الفعلي عن الربح المتوقع، وله - بعد ظهور نتيجة الاستثمار - أن يتبرع بالفرق، أو أن يقرضــــــــه، وما يصير عرفاً يعتبر كالتعهد
  2. مدير الصكوك أمين لا يضمن قيمة الصك إلا بالتعدي أو التقصير أو مخالفة شروط المضاربة أو المشاركة أو الوكالة في الاستثمار
  3. لا يجوز إطفاء الصكوك بقيمتها الاسمية بل يكون الإطفاء بقيمتها السوقية أو بالقيمة التي يتفق عليها عند الإطفاء
  4. يراعى في الصكوك من حيث قابليتها للتداول الالتزام بالضوابـــــــط المنصــــوص عليها فـــــــي قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: 30(3/4) التالية:
    • إذا كانت مكونات الصكوك لا تزال نقوداً فتطبق أحكام الصرف
    • إذا انقلبت الموجودات لتصبح ديوناً كما هو الحال في بيع المرابحة فيطبق على تداول الصكوك أحكام الدين، من حيث المنع إلا بالمثل على سبيل الحوالة.
    •  إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضي عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة. وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة. 
  5. لا يجوز أن يتخذ القول بالجواز ذريعة أو حيلة لتصكيك الديون وتداولها كأن يتحول نشاط الصندوق إلى المتاجرة بالديون التي نشأت عن السلع، ويجعل شيء من السلع في الصندوق حيلة للتداول.
التطبيقات المعاصرة للصكوك
 
انطلاقاً من أن الشريعة الإسلامية قادرة على استيعاب المستجدات ومنها الحل لكل ما يطرأ والحكم على كل ما يستجد، وانطلاقاً من أن الصكوك الإسلامية تعتبر ابتكاراً لأداة تمويلية شرعية تستوعب القدرات الاقتصادية الكبيرة فقد تعددت مجالات تطبيق الصكوك ومنها استخدامها أداة فاعلة من أدوات السياسة النقدية أو في تمويل موارد البنوك الإسلامية أو استثمار فائض سيولتها، وفي أعمار الممتلكات الوقفية، وتمويل المشروعات الحكومية، وإمكانية استخدام هذه الصكوك في الخصخصة المؤقتة شريطة أن يكون عائد هذه الصكوك جميعها ناشئاً عن موجودات دارة للدخل.
 
يوصي المجمع بما يلي:
  1. ضرورة التزام المصارف الإسلامية بالبحث عن حلول تلبي الحاجات الاقتصادية وتلتزم بالأحكام الشرعية.
  2. حيث إن الإطار القانوني لعملية التصكيك هــــــــو أحد المقومات الأساسية التي تؤدي دوراً حيوياً في نجاح عمليات التصكيك فإن مما يحقق ذلك الدور قيام السلطات التشريعية في الدول الأعضاء بإيجاد الإطار القانوني المناسب والبيئة القانونية الملائمة والحاكمة لعملية التصكيك من خلال إصدار تشريعات قانونية ترعى عمليات التصكيك بمختلف جوانبها وتحقق الكفاءة الاقتصادية والمصداقية الشرعية بشكل عملي.   الله تعالى أعلم.   
 
ثالثاً : أهميتها الاقتصادية : تظهر أهمية الصكوك الإسلامية من خلال مايلي :
  1. أنها تعد من الأدوات التمويلية المهمة لتنويع مصادر الموارد الذاتية، وتوفير السيولة اللازمة للمؤسسات والحكومات التي تحتاج إليها.
  2. أن وجودها يثري الأسواق المالية الإسلامية لأنها الطرف المكمل للأسهم، الجناح الثاني للبورصة التي من خلالها تتحرك الأموال بحرية وسهولة
  3. أنها تلبي احتياجات الدولة في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنموية بدلا من الاعتماد على سندات الخزينة، وأدوات الدين العام.
  4. أنها تساعد على النهوض بالاقتصاد الإسلامي من الناحيتين النظرية و العملية ؛أما نظرياً فهي ورقة مالية إسلامية تمثل بديلاً شرعياً للسندات المحرمة وتؤدي دوراً بارزاً في تفعيل عمل الأسواق المالية الإسلامية  التي تستكمل بها حلقات الاقتصاد الإسلامي بجانب البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية .وأما عمليا فإن وجودها يساعد على رفع الحرج الديني عن المستثمرين الذين لا يتعاملون بالسندات كأداة للاستثمار لكونها من صور الربا المحرم .
  5. أن الوصول بفكرة الصكوك الإسلامية إلى مستوى التداول العالمي يوضح مدى صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان فهي تواكب المستجدات وتلبي متطلبات كل عصر من خلال إيجاد الحلول والبدائل المشروعة للأدوات والعقود المحرمة .
 
رابعاً : مقارنة بين الصكوك الإسلامية والأسهم:
يتفق الصك مع السهم بما يلي :
  1. إن كلاً من الصك والسهم يمثل أداة ملكية لحصة شائعة ؛ أما السهم فهو حصة شائعة  في رأس مال شركة المساهمة ، وأما الصك فهو حصة شائعة في الأصول من الأعيان والمنافع و الخدمات ، وما تؤول إليها من نقود أو ديون أو مجتمعة.
  2. يستحق مالك السهم حصة من صافي ربح الشركة تتناسب مع مقدار مساهمته في رأس مال الشركة , ويستحق مالك الصك حصة من عائد استثمار الأعيان و المنافع والخدمات بمقدار ما يملك من صكوك .
ويختلف الصك عن السهم بما يلي :
  1. يثبت لمالك السهم حق المشاركة في أدارة الشركة عن طريق انتخاب ب مجلس الإدارة بينما لا يشارك مالكو الصكوك في إدارة الشركة،أي ليس لهم منصب في مجلس الإدارة،ولكن يمكن أن تكون لهم هيئة عامة لمراقبة مصالحهم وحقوقهم.
  2. أن السهم أداة مشاركة دائمة في الشركة  فليس له تاريخ استحقاق ، أما الصك فله تاريخ استحقاق ، فقد يكون مشاركة متناقصة أو إجارة منتهية بالتمليك.
خامسا : مقارنة بين الصكوك الإسلامية والسندات التقليدية
  1. يمثل الصك حصة شائعة في ملكية أصول مشروع معين،فحق الصك هو حق عيني يتعلـــق بأصول المشروع ، في حين يمثل السند ديناً في ذمة المصدر له .
  2. أن الصك يتأثر بنتيجة نشاط المشروع ، ويشارك في الأرباح والخسائر المتحققة , بينما السند مرتبط بالفائدة المترتبة عليه , ولا يتحمل نتيجة نشاط المشروع ، لأنه سند دين .
 سادسا : أنــــواع الصكوك الإسلامية
  1. صكوك ملكية الموجودات المؤجرة ي وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين مؤجرة أو عين موعود باستئجارها ، أو يصدرها وسيط مالي ينوب عن المالك ، بغرض بيعها واستيفاء ثمنها من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح العين مملوكة لحملة الصكوك.
  2. صكوك ملكية المنافع ـ  وهي أنواع
    • صكوك ملكية منافع الأعيان الموجودة  ـــــ  وهي نوعان
      • الأولى :  وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين موجودة ، بنفسه أو عن طريق وسيط مالي ، بغرض إجارة منافعها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك.
      • الثانية :  وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك منفعة عين موجودة ( مستأجر ) ، بنفسه أو عن طريق وسيط مالي ، بغرض إعادة إجارتها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك
    • صكوك ملكية منافع الأعيان الموصوفة في الذمةهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض إجارة أعيان موصوفة في الذمة واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح منفعة العين الموصوفة في الذمة مملوكة لحملة الصكوك.
    • صكوك ملكية الخدمات من طرف معين  هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من طرف معين ( كمنفعة التعليم من جامعة مسماة ) واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح تلك الخدمات مملوكة لحملة الصكوك
    • صكوك ملكية الخدمات من طرف موصوف في الذمةهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من مصدر موصوف في الذمة ( كمنفعة التعليم من جامعة يتم تحديد مواصفاتها دون  تسميتها ) واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح تلك الخدمات مملوكة لحملة الصكوك.
  3. صكوك السلم هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها ، لتحصيل رأس مال السلم ، وتصبح سلعة السلم مملوكة لحملة الصكوك.
  4. صكوك الاستصناع هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سلعة ، ويصبح المصنوع مملوكا لحملة الصكوك
  5. صكوك المرابحة: هي وثائق متساويـــــة القيمة يتم إصدارها لتمويل سلعــــة المرابحة ، وتصبح سلعــــــة المرابحة مملوكـــــــة لحملة الصكوك
  6. صكوك المشاركة هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في إنشاء مشروع أو تطوير مشروع قائم أو تمويل نشاط على أساس عقد من عقود المشاركة ، ويصبح المشروع أو موجودات النشاط ملكا لحملة الصكوك في حدود حصصهم ، وتدار صكوك المشاركة على أساس الشركة أو على أساس المضاربة أو على أساس الوكالة بالاستثمار.
  7. صكوك الشركة هي وثائق مشاركة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس الشركة بتعيين أحـــد الشركاء أو غيرهم لإدارتها
  8. صكوك المضاربة هي  وثائق مشاركة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس المضاربة بتعيين مضارب من الشركاء أو غيرهم لإدارتها.
  9. صكوك الوكالة بالاستثمار هي وثائق مشاركة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس الوكالة بالاستثمار بتعيين وكيل عن حملة الصكوك لإدارتها.
  10. صكوك المزارعة: هي  وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تمويل مشروع على أساس المزارعة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة في المحصول وفق ما حدده العقـد
  11. صكوك المساقاة: هي  وثائق متساوية يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في سقي أشجار مثمرة والإنفاق عليها ورعايتها على أساس عقد المساقاة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة من الثمرة وفق ما حدده العقد
  12. صكوك المغارسة:هي  وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في غرس أشجار وفيما يتطلبه هذا الغرس من أعمال ونفقات على أساس عقد المغارسة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة في الأرض والغـــــــــرس.
سابعا :خصائص صكوك الاستثمار
  1. أنها وثيقة تصدر باسم مالكها أو لحاملها ، بفئات متساوية القيمة لإثبات حق مالكها فيما تمثله من حقوق والتزامات مالية
  2. أنها تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار ، أعيانا أو منافع أو خدمات أو خليطا منها ومن الحقوق المعنوية والديون والنقود ، ولا تمثل دينا في ذمة مصدرها لحاملها
  3. أنها  تصدر على أساس عقد شرعي بضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها.
  4. أن  تداولها يخضع لشروط تداول ما تمثله.
  5. أن مالكيها يشاركون في غنمها حسب الاتفاق المبين في نشرة الإصدار ، ويتحملون غرمها بنسبة ما يملكه كل منهم من صكوك.
 
 
هذا وبالله التوفيق